الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

(مناقشة لحديث خير القرون قرني)

صفحة 39 - الجزء 1

  امتحن الله قلوبهم للتقوى، وممن ضمّهم قرنه ÷ {وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللَّهَ ...}⁣[التوبة: ٧٥] {وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ}⁣[التوبة: ٥٨] {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ}⁣[التوبة: ٦١] {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم}⁣[التوبة: ٦٤] {يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِن تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِين}⁣[التوبة: ٩٦] {لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ}⁣[التوبة: ٦٥] {لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}⁣[التوبة: ٦٦] ... إلخ.

  وكم من هذا في كتاب الله لاسيما في سورة التوبة، وهؤلاء لهم صحبة عند أهل السنة، ولهم رؤية وتقبل روايتهم، وهم من قرنه المضاف إليه ÷، وكم من آية تعيب عليهم قبح فعلهم وفضحتهم وكشفت قبح ما في صدورهم وبينت أنهم ليسوا من الإسلام في شيء، وأن نطقهم بالشهادة وصلاتهم وقاية لهم من السيف، وبعضهم: بعد رسول الله كشف القناع عما في صدره، وأصبح الهوى والدنيا والكرسي هو المعبود، وهذه التركة هي التي ورثها علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه -: منهم من نكث، ومنهم من مَرَقَ، ومنهم من قَسَط؛ لقوله ÷: «ستقاتل يا علي بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين» فالمارقون هم الخوارج وهم شرار خلق الله وكلاب أهل النار، والقاسطون معاوية وحزبه {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا}⁣[الجن: ١٥]، ولا تجد في التاريخ أمة آمنت برسولها ثم عطفت بالسلاح على من نهضوا بالدعوة وأقاموها وتمسكوا بها ودعوا إليها، ومنهم أهل بيت نبيهم إلا معاوية وحزبه وقد سأل علياً # أحد الخارجين معه إلى صفين فقال: يا أمير المؤمنين القوم دعوتنا واحدة، وكتابنا واحد، وصلاتنا واحدة، ونبينا واحد، فما نسميهم؟ قال: (سمهم بما سماهم الله) قال: ما في كتاب الله؟ ثم تلا علي # {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاء اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاء اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيد}⁣[البقرة: ٢٥٣] فحين اختلفنا كنا نحن أحق بكتاب الله وبرسوله وهديه، وكنا نحن الذين آمنا وهم الذين كفروا، وأراد الله أن نقاتلهم فقاتلناهم بإرادة الله. اهـ.