مناقشة لحديث «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي»
  فأنت ترى أن الناس وقعوا في أمر مريج؛ لأن أكثر أهل الحديث قبلوا رواةً حَكَمَ القرآنُ عليهم بأنهم منافقون أو قاسطون، وفضّلوا ما رووا مسنداً على مراسيل الأتقياء المتحرين لصحة السند لأنفسهم كمراسيل أهل بيت النبوة ومراسيل الحسن ومراسيل غيرهم؛ لاسيما وقد منحوا الصحابي كامل التعديل وإن زنى وإن سَرَقَ، وإن شرب وإن مَرَقَ، ومن هنا أُتينا.
  نعم: إذا اتضح لك ما رعف به القلم، ونظرت إلى ما رفعنا له العَلَم، وأيقنت أنه لا يُفلح من ظلم، وعرفت من هم قرن سيد الخلق الذين بعث فيهم واتبعوا حياً وميتاً وكم في أهل المدينة التي هاجر إليها من آيات بينات محكمات تدل على أن حديث «خير القرون قرني» مِنْ وضع مَنْ مَزَّقت الآياتُ إهابَه، وكشفت عن نفاقه نِقابَه، وعَرّته على حقيقته، يريد أن يجعل له ولأمثاله شارة يتميز بها، وإنما هو بها لابس ثوب زور، ومنغمس في الفجور.
مناقشة لحديث «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي»
  وقريب من الحديث السابق حديث «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي».
  اعلم رزقك الله توفيق أهل الهدى أن الحديث المذكور مدخول، وفي غاية الخطورة، لا يجوز اعتقاد صحته؛ لما يقتضيه الأثر والنظر: أما من جهة النظر فهو يوحي بأن للخلفاء سنة غير سنة النبي ÷ بحكم ما يقتضيه العطف المقتضي للتغاير والتعدد، والسنة في لسان خير الخلق وفي لسان القرآن هي الدين والشريعة التي بُعث بها وأُمر بتبليغها من قوله: «من رغب عن سنتي فليس مني» فهل للخلفاء سنة وطريقة غير طريقة المصطفى، أجمعوا عليها وأحدثوها؟ وهل لهم أن يفعلوا ذلك؟
  ومن جهة الأثر: حينما نعرضه على كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وجدنا بينهما كمال الانقطاع، وتمام المباينة، مَنَعتْ من قبوله وصحته آياتٌ محكمات منها: قوله تعالى مخاطباً لنبيه وأحب خلقه إليه، المبلِّغ عنه شريعتَه، والمبعوث لإقامة الحجة على العباد بقوله: