الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

جواز تقديم الزكاة

صفحة 507 - الجزء 1

  أقول: لله در القائل:

  وكم من عائب قولاً صحيحاً ... وآفته من الفهم السقيم

  لا يخفاك أن المطلق والمقيد والمعرفة والنكرة يتقابل كل واحد منهما مع صاحبه تقابل الوجود والعدم، فتقول مثلاً: «رجل هو نكرة عند النحاة مطلق عند الأصوليين» سمي مطلقاً ونكرة؛ لعدم ما يُعَرِّفه أو يُقيّده، فإن قلت: (الرجل) وأوجدت فيه التعريف مقيداً ومعرفة، فالمعَرَّف والمقيَّد لا يعمّان لأنه يشار بهما إلى معيّن في الذهن له وجود في الخارج، وعمومهما وضعي⁣(⁣١)، وهما أعرق في العموم من «رجال» لأن «رجالاً» لا يعمّ بلا قرينة إلا أقل الجمع، و «رجل» يعمّ كل ما صدق عليه، ثم إن الوصف بكونه مطلقاً أو مقيداً للكلمة لوجود مقيدها أو خلوه فباعتبار الكلمة نقول: «هي مطلقة ونكرة» وباعتبار عملها وما وضعت له نقول: «هي عامة في كل ما صدقت عليه»، فحين قال الإمام: «فعمومها» نظراً إلى المعنى المسوق له والذي وضعت من أجله.

  وأما كون عمومها بدلاً فهذا لا يحتاج إليه إلا عند التأليف في النحو أو عند التعليم، ولا يحتاج إليها في كل من تكلف النقد، كلما ذكر المطلق يقول: «عموم بدلي» إلا أنه في الظرف والجار والمجرور عند التعليم يجب البيان للطالب: الفرق بين الظرف والمجرور وأنهما شيئان متغايران، وعند الاستعمال يسمى المجرور ظرفاً فتقول في «الحمد لله»: [الحمد: مبتدأ، خبرُه الظرفُ] ولا يعاب عليك.

  ثم إن الشوكاني معترف بعموم المطلق، وإنما عاب على الإمام أنه لم يقل: «وعمومه بدلي» وكونه بدلياً لا شمولياً ليست من الفائدة الآن في شيء؛ إذ المراد العموم، فاقتصر على دلالتها على العموم ولم يقيده بأنه بدلي؛ لعدم الحاجة.

  ثم إن الشوكاني يحاول بكل جهده أن يجعل الإضافة في قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} لا عموم لها، ولا عموم للام العهد، وقد سبق منا أن بينا فيما سبق واستشهدنا من كتاب


(١) لا لفظي [والعام اللفظي هو ألفاظ العموم المخصوصة مثل كل ... إلخ]. تمت شيخنا.