الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

مقدار الفطرة

صفحة 546 - الجزء 1

  ولا إشكال، وإلا لما قالوا: (إن معاوية هو الذي قَوَّم ذلك) وإلا لكان الأمر شركة بينه وبين من قالها.

  نعم لو كان هذا القول انفرد به علي # لكان للشوكاني موقف غير هذا ولأقام الدنيا وأقعدها، وهاج هيجان الفحل المتوحش، ولقال: «كل أمر لم يرد عليه أمرنا فهو رد» إلى غير ذلك مما نعهده في جانب العترة المطهرة لكنها لما كانت من إمامه خضع لها ودعمها بما يقدر من أحاديث وآثار لا صلة لها بالصحة.

  كما أن طبيعته - كما قلنا وكما سبق له - الدفاع عن أهل الذمة والفاسق والآن عن معاوية وهو عند العارفين المنصفين ليس أهلاً للحكم ولا للفتوى ... إلخ.

  ولك الرجوع لما أسلفنا عن «أحكام القرآن» للإمام الجصاص الرازي الحنفي عند شرحه لقوله سبحانه: {لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِين}⁣[البقرة: ١٢٤] وأن الفاسق لا تقبل روايته ولا شهادته، ولا تصح الصلاة خلفه، فكيف برأي مخالف للسنة النبوية؟!

  وحسبك أنه حكم حكماً مخالفاً لحكم الله ورسوله؛ إذ يقول ÷ في الحديث المتواتر: «الولد للفراش وللعاهر الحجر»⁣(⁣١) وهو يقول: (زياد بن أبي سفيان) كأنه لم يقرأ {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُون}⁣[المائدة: ٤٤]، {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُون}⁣[المائدة: ٤٥]، {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُون}⁣[المائدة: ٤٧].

  وقال عبد الرحمن بن حسان بن ثابت:

  ألا أبلغ معاوية بن حرب ... مغلغلة من الرجل اليماني

  أتغضب أن يقال أبوك عَف ... وترضى أن يقال أبوك زان

  وإليك بعض أدلة داعمة لما أورد الإمام مع أنه كان فيها الكفاية وإذا كان معك «شفاء


(١) البخاري، مسند أحمد، مسلم، الترمذي، أبو داود، ابن حبان، ابن ماجة، المستدرك، موارد الظمآن، سنن الدارمي، سنن البيهقي، موطأ مالك، مصنف عبد الرزاق، شرح معاني الآثار، مجمع الزوائد.