الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

استحباب صوم الدهر لمن لا يضعفه عن واجب

صفحة 68 - الجزء 2

استحباب صوم الدهر لمن لا يضعفه عن واجب

  قال الشوكاني: «قوله: «لا صام من صام الدهر» أقول: هذا الحديث من أعظم الأدلة الدالة على أن صوم الدهر مخالف لهديه ÷؛ لأنه نزَّل صوم صائم الدهر منزلة العدم، والحديث صحيح ...... ومن جملة الوعيد لمن صام الدهر ما أخرجه ابن حبان، وابن أبي شيبة من حديث أبي موسى: أنه ÷ قال: من صام الدهر ضيقت عليه جهنم⁣(⁣١)، وهذا وعيد شديد .... إلخ» اهـ كلامه.

  أقول: قد جعل الشوكاني صوم الدهر في بحثه هذا من العظائم الموبقة، والجرائم الموجبة للنار، وأنه قد جاء الوعيد الشديد عليه، وأفرغ وسعه في تحريف كل دليل يدل على فضل بل على جوازه! والمسألة خلافية، وذات تأويل سائغ، وسأورد عليك أقوال العلماء، وكل منهم كعادتهم يورد قوله وحجته، وقول خصمه وحجته، ولم يدّع أحد منهما العصمة عن الخطأ، وانفراده بإصابة الحق، وبعد إيراد الأقوال سأذكر ما يقتضيه النظر بالنسبة إلى حرص الرسول ÷ على أمته، وبعدل الله سبحانه ورحمته للمؤمنين فالأمر على خلاف ما توهمه الفقيه من الوعيد الشديد، والشر العتيد لأهل العبادة، ورجاء الرحمة والشفاعة لأهل الكبائر!

  أولاً: من البحر ج ٢ ص ٢٧١ ولفظه: القاسمية، والهادي: وندب صوم الدهر لمن لا يضعف به عن واجب؛ لقوله ÷: «فقد وهب نفسه من الله».

  الناصر: يكره؛ لقوله ÷: «فلا صوم له».

  الإمامية: يقبح؛ لنهيه ÷ أهل الصُّفَّة، وقد أرادوا ذلك، فقال ÷: «من رغب عن سنتي فليس مني ...» الخبر.


(١) قد قيل في تأويله: ضيقت عليه جهنم فلم يدخلها