الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

استحباب صوم الدهر لمن لا يضعفه عن واجب

صفحة 69 - الجزء 2

  قلنا: شبَّه ÷ صيام أيام مخصوصة بصوم الدهر ترغيبا، فلولا فضله لبطل الترغيب.

  المؤيد بالله، وأبو طالب: وأخبار النهي تُحْمَل على من يضعف به عن واجب.

  القاسم: بل على من صام العيدين والتشريق. وقوله ÷: «فليس مني» أي من عملي وشأني لا بمعنى البراءة. اهـ المراد.

  وفي المغني، لابن قدامة ج ٤ ص ٢٦٤ - ٢٦٥ ما لفظه: فصل: في صوم الدهر: روى أبو قتادة قال: قيل: يا رسول الله فكيف بمن صام الدهر؟ فقال: (لا صام ولا أفطر، أو لم يصم ولم يفطر) قال: الترمذي: هذا حديث حسن قال أبو الخطاب: إنما يكره إذا أدخل فيه العيدين وأيام التشريق؛ لأن أحمد قال: إذا أفطر يوم العيدين وأيام التشريق رجوت ألَّا يكون بذلك بأس. وروي نحو هذا عن مالك، وهو قول الشافعي؛ لأن جماعة الصحابة كانوا يسردون الصوم، منهم أبو طلحة صام بعد النبي أربعين سنة. اهـ المراد.

  فالمسألة كما ترى ذات أنظار من علماء أعلام، ولكل دليله، فانظر إليها وإلى تفسير القاسم # لقوله ÷: «فليس مني»: أنه ليس القصد البراءة منه، وأنَّى يتبرأ المصطفى ÷ من مؤمن حمله الإيمان ومخافة الله ورجاء رحمته على أن يسرد صومه؟!

  فالظاهر - والله أعلم - أنه إذا كان مطيقًا ولم يُعِقْهُ الصوم عن واجب، ولا أدخل في صومه العيدين والتشريق أنه مأجور.

  ويؤخذ من قوله ÷: «أحب الصوم إلى الله ... أو أفضل الصوم ...» أن صوم الدهر ثابت له فضل أو محبَّب إلى الله كما يقتضيه «أفعل» التفضيل، وما هو من النبي ÷ إلا بدافع الإشفاق على مؤمني أمته، كما قال تعالى: {حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيم}.

  وفي (المهذب) في فقه الشافعي لأبي إسحاق الشيرازي ج ٢ ص ٦٢٨ ما لفظه: ولا يكره صوم الدهر إذا أفطر في أيام النهي، ولم يترك فيه حقاً ولم يخف ضرراً؛ لما روت أم كلثوم مولاة أسماء قالت: قيل لعائشه: تصومين الدهر وقد نهى رسول الله عن صيام