يكره تعمد صيام الجمعة
يكره تعمد صيام الجمعة
  قال الشوكاني: «قوله: دل ذلك على أنه يكره تعمد الجمعة ... إلخ. أقول: الأحاديث واردة بالنهي عنه، وحقيقة النهي التحريم إذا لم يصم يومًا قبله ولا يومًا بعده، وما روي عنه ÷ من أنه كان يصوم يوم الجمعة لا يصلح لجعله قرينة صارفة؛ لوجهين: الأول: أنه لم ينقل أنه كان يصومه منفردًا. والثاني: أن فعله لا يعارض قوله الخاص بالأمة، على فرض عدم الاختصاص لقوله بالأمة بل شموله له ولهم فهو مخصص له من العموم ... إلخ» اهـ كلامه.
  أقول: أولا: قد اضطرب كلام الفقيه اضطراب الرِّشا، وخرج عن قواعد الأصوليين المعروفة؛ فالمعروف المستعمل إطلاق لفظ البطلان والفساد في المعاملة، والفساد في العبادة؛ لأن الفساد في العبادة يرادف البطلان، وإطلاق لفظ التحريم في الأكل والنكاح والمال.
  ثانيا: النهي عن صوم الجمعة ليس كالنهي عن صيام يوم العيد؛ فالنهي عن صوم العيد فاسد لذاته، لا يُزيل فسادَه بأن يصوم يومًا قبله أو بعده. أما الجمعة فالنهي عن صومه لصفة عارضة له لا لذاته، ولهذا إذا صمت قبله أو بعده صح، وكان أجره أعظم من أجر أي يوم؛ لفضل الجمعة على سائر الأيام والنهي العرضي لا يكون حكمه وتعليقه كالذاتي، ويمكن أن يقال: الكراهة في صوم يوم العيد بمعنى التحريم، وأنه صوم فاسد، والكراهة في صوم يوم الجمعة للتنزيه.
  وفي (شرح الزرقاني، لموطأ مالك) ج ٢ ص ٤٠٣ ما لفظه:
  لم أسمع أحدًا من أهل العلم والفقه، ومن يُقتدى به ينهى عن صيام يوم الجمعة، وصيامه حسن، وقد رأيت بعض أهل العلم يصومه، وأراه كان يتحراه. اهـ المراد.
  وقد ذهب أبو حنيفة، ومالك إلى عدم كراهته. وأما دعوى الشوكاني خصوصية الصوم