الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

استحباب صوم يوم الغدير

صفحة 75 - الجزء 2

  نعم: مما رقمته من معقول ومنقول، يُعْرَف قبحُ النهي عن شكر الله سبحانه بصوم أو صلاة على نعمة عيد الغدير الأغر، وهي نعمة يحبُّ الله سبحانه أن يشكر عليها، ويفرح بها المؤمنون، وليست كسجدة أحد المنافقين فرحًا بموت الحسن السبط #؛ لأنها دليل بغضه له كما أبغض أباه من قبله؛ فهي سجدة مشؤومة.

  ثم قال: «ولو كان الأمر كذلك لكان كل يوم من الأيام التي ثبتت فيها فضيلة عامة للإسلام وأهله بالصوم من هذا اليوم الذي ثبتت فيه هذه الفضيلة لفرد من أفراد المسلمين: كيوم بدر، ويوم الفتح ... إلخ» اهـ كلامه.

  أقول: هذه الفضيلة - وهي ولاية أمير المؤمنين يوم غدير خم - التي أشاد بها النبي ÷ واختصها من بين سائر ما جرى: هل هي بأمر الله أو من تلقاء نفسه ÷؟! وحاشاه ÷ أن يقول شيئًا من عنده: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ٣ إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ٤}⁣[النجم]. إن كانت بأمر الله قلنا له: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِينًا}⁣[الأحزاب: ٣٦].

  وإن كانت هذه الفضيلة من رسول الله ÷ من تلقاء نفسه فقد كفر بقوله تعالى: {وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِين}⁣[ص: ٨٦]. ثم إن هذه الولاية جاءت تتويجًا لكل الغزوات، تتويجا لبدر، وهل كانت بدر كلها إلا لعلي وصاحبيه⁣(⁣١) ... إلخ؟!.

  تتويجًا لأحد حين ثبت # ثبات الرواسي، وواسى بنفسه وجهده رسول الله، وكان خير مُوَاسٍ.

  تتويجًا لخيبر، وقد رجعت راية رسول الله ÷ مرتين منكوسة الرأس حتى أسف رسول الله أسفا شديدًا، وأقسم بالله ليعطين الراية غدًا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، كراراً غير فرار يفتح الله على يديه، وانظر مافي قوله ÷: «كراراً غير فرار»، من


(١) حمزة بن عبدالمطلب، وعبيدة بن الحارث بن المطلب تمت شيخنا.