إيجاب الإحرام على من أراد مجاوزة الميقات
  أبو حنيفة؛ لأن ابن عمر لم يكن جاوز وقتاً من المواقيت(١) لأن قُدَيْداً لا وقت بينها وبين مكة فلا بأس أن يدخل مكة من كان بقُدَيْدٍ(٢) بغير إحرام، ثم الحديث المستفيض عن ابن عباس أن رسول الله ÷ وقت المواقيت لأهلها ثم قال: «هذه المواقيت لأهلها ولمن أتى عليها من غير أهلها» قال محمد: فليس ينبغي أن يجاوز وقتاً من المواقيت إلى مكة بغير إحرام. اهـ المراد.
  قال صاحب الحاشية على كتاب الحجة ص ٤٢٦ ما لفظه: ومن هاهنا عرفت أن قول ابن حزم في ج ٧ ص ٢٦٦ من (المحلى) بأن (دخول مكة بلا إحرام جائز) في غاية الفساد، ليس له دليل من قرآن ولا سنة، وجواز الشيء وعدمه لا يكون إلا من جانب الشارع ولم يجزه، ولم يقل الله ولا رسوله: (إن دخولها بلا إحرام جائز) بل حَدّ حدوداً ووقت مواقيت الإحرام، ولا يجوز تعديها إلاَّ بإحرام كما ثبت في النصوص وأخرجها الأئمة في كتب الحديث، ودخوله ÷ يوم فتح مكة كان بلا إحرام بل قال في وقت أداء عمرة الجعرانة: «هذه لدخولنا مكة بغير إحرام» أوليس هذا أظهر من الشمس، وأبين من الأمس لدى ذي العينين؟! نعم {مَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى} وكفى له ذلك حسرة وندامة، ولقد قال ابن عباس: (لا يدخل مكة إلاَّ بإحرام) وابن حزم يقول: (هو إلزام ما لم يأتِ به الشرع) أو لم يدر أنه حبر الأمة وترجمان القرآن ومصداق «اللهم فقهه في الدين» على لسان رسوله ÷؟! هو لم يشعر أنه لم يرد به الشرع وعلم به ابن حزم بعد أربعمائة سنة!، وابن عباس وأبوه وأخوه الفضل ¤ كانوا مع النبي ÷ في حجة الوداع شاهدوا ما فعله، وسمعوا منه ما قاله، وحفظوه كل الحفظ، هذا والله من عجب العجاب، وحديث ابن عباس رواه ابن عدي مرفوعاً من وجهين ضعيفين كما في ص ٢١١ من (التلخيص)، والموقوف والمرفوع يشد بعضه بعضاً، وهو أعلى بمراتب من قول ابن حزم المخذول المرذول، وإسناد الموقوف جيد اهـ المراد.
(١) روي أن (ابن عمر اعتمر ثم أقبل حتى إذا كان بقُدَيْدٍ جاءه خبر من المدينة فرجع فدخل مكة بغير إحرام) وفيه دليل على أن من كان في المواقيت أو دونها إلى مكة ليس بينه وبين مكة وقت من المواقيت التي وقتت فلا بأس أن يدخل مكة بغير إحرام أما من كان خلف المواقيت التي بينه وبين مكة فلا يدخل مكة إلا بإحرام. اهـ.
(٢) قُديد مصغراً اسم مكان يقع بين مكة والمدينة.