الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

إيجاب الإحرام على من أراد مجاوزة الميقات

صفحة 114 - الجزء 2

  وفي (السنن الكبرى) ج ٥ ص ١٧٧ ما لفظه: أخبرنا أبو محمد عبدالله بن يوسف الأصبهاني، أنبأنا أبو سعيد بن الأعرابي، حدثنا سعدان بن نصر، حدثنا إسحاق الأزرق، عن عبدالملك، عن عطاء، عن ابن عباس، أنه قال: ما يدخل أحد مكة من أهلها ولا من غير أهلها إلا بإحرام. اهـ.

  وقبله بأسطر عن الشافعي، قال الشافعي |: ولم يُحْكَ لنا عن أحد من النبيين ولا الأمم الخالين أنه جاء البيتَ أحدٌ قط إلا حرامًا، ولم يدخل رسول الله ÷ مكة إلا حرامًا إلا في حرب الفتح. اهـ المراد.

  فقد ثبت لك أن ما وري عن ابن عباس مرفوع إلى النبي ÷، ثم أقول: عمل الأمة سلفًا وخلفًا كما حكاه ونقلناه عنه الإمام الشافعي أنه لم يدخل أحد مكة من غير المتكررين إلاَّ بإحرام وهو الموافق لما روي عن رسول الله ÷، والمتفق مع قوله تعالى: {وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ}، {وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ}⁣[الحج: ٣٢] وإذا كان الحق سبحانه وتعالى قد جعل ميزة للواد المقدس (طوى) بأن أمر نبيه وكليمه موسى أن يخلع نعليه ويمشي حافيًا، فكيف لا نقدس أرضًا أضافها الله إلى نفسه وحرَّمها يوم خلق السموات والأرض، وبدأ خلق الأرض كلها منها؟! ثم افرض أنه خرج من القرية ودخل مكة بغير إحرام - على مذهب الشوكاني - وحضرت صلاة الجماعة، وشهدها في الحرم، فهل عليه تحية البيت، وإنما تحيته الطواف، فإن أحرم من مكة فليس من أهلها، وإن طاف بالمقطب والقبع أصبح ضحكة، ولن يقبل منه؛ لأنه طواف قدوم لا وداع⁣(⁣١).

  وفي هداية الحنفية مع شرح ابن الهمام ج ٢ ص ٣٣٤ ما لفظه: ثم الآفاقي إذا انتهى إليها - يعني المواقيت - على قصد دخول مكة عليه أن يحرم قَصَدَ الحجَّ أو العمرةَ أو لم يقصد. اهـ المراد.

  قال ابن الهمام في ص ٣٣٥: لقوله ÷: «لا يجاوز أحد الميقات إلا محرمًا» روى ابن أبي


(١) لأن طواف الوداع يصح بالثياب، تمت شيخنا.