الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

على القارن طوافان وسعيان

صفحة 174 - الجزء 2

  وقال الإمام المتوكل على الرحمن أحمد بن سليمان في (أصول الأحكام) ج ١ ص ٣٥٦ ما لفظه: وأما ما روي عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي ÷ قال: «من جمع بين الحج والعمرة كفاه طواف واحد وسعي واحد»، وبما روي عن عائشة عن النبي ÷ أنه قال: «طوافك يجزيك لحجك وعمرتك»، فنقول: إنه قد روي الحديث موقوفًا على ابن عمر، وأن من رفعه إلى النبي ÷ فقد أخطأ، على أنه يحتمل أن يكون مراد رسول الله بقوله: «طواف واحد» بصفة واحدة، وكذلك حديث عائشة يحتمل أن يكون أراد: أن الطواف للعمرة كالطواف للحج، على أنه قد قيل: إن عائشة لم تكن قارنة، وإنها أفردت الحج ثم أفردت العمرة من التنعيم⁣(⁣١)، ومما يدل على صحة قولنا قول الله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ}⁣[البقرة: ١٩٦]، وتمام الحج أن يطاف، ويُسعى له، وتمام العمرة أن يُطاف ويُسعى لها. اهـ المراد.

  قال العلامة المحقق المحدث مهدي حسن الكيلاني في حاشيته على (الحجة على أهل المدينة) ج ٢ ص ٧٩ ما لفظه: فأين الذين قالوا: الذين جمعوا الحج والعمرة ما طافوا إلا طوافا واحدا وقد طاف رسول الله طوافين وسعى سعيين؟!

  فتعين قطعاً أن معنى قول جابر، وابن عمر، وعائشة، وغيرهم: (ما طافوا إلا طوافًا واحدًا) أي بعد الإفاضة من عرفات ما طافوا إلا طوافًا واحدًا للحل منهما جميعا، وإلا لا تصح هذه الأحاديث - التي في الصحيحين - التي تدل على تعدد الأطوفة وتعدد السعي. اهـ المراد.

  ثم قال: «ومن القول حديث طاوُس عن عائشة أن النبي ÷ قال لها: «يسعك طوافك لحجك وعمرتك» أخرجه مسلم. وأخرج أيضًا من طريق مجاهد عنها أن النبي ÷ قال لها: «يجزئ عنك طوافك بالصفا والمروة عن حجك وعمرتك». وأما أحاديث الفعل فأخرج الشيخان وغيرهما عن عائشة أن الذين جمعوا بين الحج والعمرة طافوا طوافًا واحدًا» اهـ كلامه.


(١) مكان قريب من مكة المكرمة.