الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

حرم المدينة

صفحة 229 - الجزء 2

  والمحرم يطلق على شيئين، يقال: (أحرم) إذا دخل الحرم مثل أنجد، وأَتْهَمَ. وعلى مَنْ أحْرَمَ للحج. فهو من المترادف؛ لما قدمنا. وإليك نص صاحب (اللسان) القاضي بتناوله لهما معا، ولفظه: وأَحْرَمَ القومُ: دَخَلُو في الحَرَم، ورجل حرام: داخلٌ في الحرم، وكذلك الاثنان والجمع والمؤنث. وقد جمعه بعضهم على حُرُم. اهـ المراد.

  هذا فيمن دخل الحرم. أما في إطلاقه على المحرم للحج فيكفي قوله ÷: «إنا لم نردَّه عليك إلا لأنا حُرُم». ومن هنا يتبين لك أنه نقل الرأي في حرم المدينة، ولم يعزه لقائليه، وهو موجود في كلام الإمام! وموجود أيضًا في (البحر). وعزاه الفقيه لنفسه؟! فقال: وعندي أنه لا يجب ... إلخ. وهذا ينافي أمانة النقل.

  والثالثة: وهي أعظم وأَطَمّ: إسقاط الجزاء عمن قتل وهو حلال صَيْدًا في الحرم، والآية الكريمة {وَأَنتُمْ حُرُمٌ} ناعية عليه قولَهُ.

  ثم اعلم أن المعتبر في الحرم محل المقتول، أعني إذا رمى الرجل وهو في الحل والصيد في الحرم وجب عليه الجزاء، وإن رمى وهو في الحرم والصيد في الحل فلا جزاء، وفرَّع بعض علماء الحنفية على هذا لو قال الرجل لزوجته: (إن كَلَّمت زيدًا في المسجد فأنت طالق). فإن كلمته وهما في المسجد طَلُقَتْ، وإن كلَّمته وهو في المسجد طلقت؛ لأنه مفعول التكليم، وإن كلمته وهي في المسجد وهو خارج فلا تطلق. اهـ. والله أعلم.