المحصر يلزمه القضاء
  وإذا كان قد حل فإن المضيَّ واجب بإجماع العلماء؛ لأجل الآية وعليه القضاء. ويقول الفقيه ما مضمونه: «ليس عليه إلا سَوْقُ الهَدْي». اهـ مع أن لزوم القضاء بالنص الصريح، وهو قوله ÷: «من كسر أو عرج ...»، ولم يقل: (في عمرة أو حج، أو فريضة أو نافلة) فدل على العموم، وبهذا عمل العلماء، إلا خلاف بعض أهل الظاهر فيما إذا كان الأصل نفلا ومعهم أحمد.
  وفي (المغني) لابن قدامة الحنبلي ج ٥ ص ١٨٦ ما لفظه: الفصل الثالث: أنه يلزمه القضاء من قابل سواء كان الحج واجبًا أم تطوعا. اهـ المراد. ثم ذكر من قال به من الصحابة والتابعين، ثم أورد حجتهم: (من فاته عرفة فقد فاته الحج، فليحل بعمرة وعليه الحج من قابل)؛ ولأن الحج يلزم بالشروع(١) فيه فيلزم كالمنذور بخلاف سائر التطوعات. اهـ المراد.
  ومن (أحكام القرآن) للجصاص الحنفي ج ١ ص ٣٤٧، ٣٤٨ ما لفظه: واختلفوا أيضا فيمن أُحصِرَ وهو محرم بحج أو عمرة تطوع، فقال أصحابنا: عليه القضاء سواء كان الإحصار بمرض أو عدو إذا حل منهما بالهَدْي. وأما مالك، والشافعي فلا يريان الإحصار بالمرض، يقولان: إذا أُحْصِر بعدو فحل فلا قضاء عليه في الحج ولا في العمرة؛ والدليل على وجوب القضاء قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} وذلك يقتضي الإيجاب بالدخول، ولما وجب بالدخول صار بمنزلة حجة الإسلام، والنذر، فيلزمه القضاء بالخروج عنه قبل إتمامه، سواء كان معذورًا فيه أو غير معذور؛ لأن ما قد وجب لا يسقطه العذر، فلما اتفقوا على وجوب القضاء بالإفساد وجب عليه مثله بالإحصار، ويدل عليه من جهة السنة حديث الحجاج بن عمرو الأنصاري: «من كسر أو عرج فقد حل وعليه الحج من قابل»، ولم يَفْرِق بين حجة الإسلام والتطوع، وأيضا فإن من ترك موجبات الإحرام لا يختلف فيه المعذور وغيره في لزوم حكمه؛ والدليل عليه أن الله تعالى قد عذر
(١) إذا دخل فيه وجب التمام ولو فاسدًا تمت شيخنا.