(تحريم الزيادة على الأربع)
  وقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}[البقرة: ٢٧٥] فالبيع حل لا مرية في حله، ولم يُسَق النصُّ لأجل تحليله، وإنما سيق لرد كلمة اليهود: {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا}[البقرة: ٢٧٥]؛ فقال سبحانه مكذبًا لهم: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}؛ فكلام حبر الأمة | جار في هذا المضمار، ثم إن إجماع المفسرين موافق للمأثور عن ابن عباس لم يلحق به أي نقاش إلا نقاش الفقيه المبني على غير هدى، لا من شرع، ولا من لغة، ثم يطعن في وقوع الإجماع كعادته، ويدعي أن القاسم بن إبراهيم نجم آل الرسول $ قائل بهذا، وقد أنكر صحتها عنه صاحب (البحر) في ج ٣ ص ٣٥. كما أنكرها حفيد القاسم أعني الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين في الجزء الأول من (الأحكام) وروايتهم عنه أصح وأفصح.
  ثم ادعى مخالفة الظاهرية للإجماع، ونَقَضه بقلمه في (الجرار)، وأنكر حصول الإجماع، وآمن به في «الجرار» ج ٢/ ٢٤٦، لفظ (الجرار): قوله: (والخامسة)، أقول: أما الاستدلال على تحريم الخامسة، وعدم جواز الزيادة على أربع؛ بقول الله ø: {مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ} فغير صحيح، كما أوضحته في شرح المنتقى، ولكن الاستدلال على ذلك بحديث قيس(١) بن الحارث(٢)، وحديث غيلان الثقفي، وحديث نوفل بن معاوية هو الذي ينبغي الاعتماد عليه، وإن كان في كل واحد منها مقال، ولكن الإجماع دل على ما دلت عليه و صارت به من المجمع على العمل به. وقد حكى الإجماع صاحب فتح الباري، والمهدي في البحر، والنقل عن الظاهرية لم يصح؛ فقد أنكر ذلك منهم من هو أعرف بمذهبهم ... إلخ. اهـ كلامه من (جراره).
  ولم يحك صاحب (البحر) إجماعًا كما زعم الشوكاني. انظر (البحر) ج ٣ ص ٣٤. إذن فكلامكم جدال بالباطل وهو حرام، ودفع في نحر شريعة الله، وهو حرام، ونصرة لبدعة محدثة وهو حرام.
  أما قول الفقيه: «إن التحريم لا يؤخذ من قوله تعالى: {مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ}» اهـ.
(١) وقيل: الحارث بن قيس.
(٢) حديث قيس بن الحارث: قال: أسلمت وتحتي ثمان نسوة فأمرني رسول الله أن أختار منهن أربعاً، رواه أبو داود في (سننه) برقم (٢٢٤١)، وعبد الرزاق في (مصنفه) برقم (١٢٦٢٤).