الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

(اشتراط صحة العقد في نكاح التحليل)

صفحة 278 - الجزء 2

(اشتراط صحة العقد في نكاح التحليل)

  قال الشوكاني: «قوله: فصل: ولا تحل بالنكاح الثاني إذا كان فاسدًا ... إلخ. أقول: قدمنا في أول كتاب النكاح: أنه حقيقة في الوطء؛ فلا وجه لاشتراط صحة العقد في نكاح التحليل؛ لأن الله قال: {حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}⁣[البقرة: ٢٣٠]، ومن وطئت في عقد فاسد فقد نكحت زوجاً غير زوجها، ولم يرد ما يدل على تحريم العقد الفاسد في التحليل، كما ورد ما يدل على تحريم إضمار التحليل حتى يكون المنع من العقد الفاسد لأجل الدليل كما قدمنا» اهـ كلامه.

  أقول: في تعليق الفقيه الذي قبل هذا أبى من صحة التحليل، ومن وقوعه ولو بعقد صحيح - فقال: «إن التحليل منهي عنه، وما نهى عنه الشرع فهو باطل أو فاسد؛ فلا حكم له ولا تأثير» اهـ. إلى غير ذلك من التلفيق، الذي بغيره لا يليق.

  وهاهنا قال الإمام: (إن التحليل بالعقد الفاسد لا يصح) فأجرى الفقيه قلمه بضد ما حكاه الإمام، وقال: «إن فساد العقد لا تأثير له، وإن المحلِّل قد نكح، وإن المرأة قد عقد لها به ونكحت زوجا غير زوجها؛ فلا وجه لاشتراط الصحة» اهـ، وقد فهم أن معنى {تَنكِحَ زَوْجًا} هو الوطء؛ فقد قدمنا لك عن أعلام يتعين الأخذ بقولهم، والرجوع إليه من «لسان العرب»، وغيره أن كلمة (النكاح) في كتاب الله لم ترد إلا مرادًا بها العقد.

  والوطء في حق التحليل إنما أخذ وفهم من السنة، وهو قوله ÷: «لا ... حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك»، وحقيقة أمره أنه مطبوع على العناد ومشغوف ومولوع بمعارضة أو إبطال ما يرقمه الإمام ولو فيه هدم للسنة وإقامة للبدعة، لكنه يفعل هذا بغير كفاءة ولا أهلية فيعثر في مزالق، ويهوي به هواه من حالق.