الفسخ
  ثم قال: «وثالثاً: بوجود الفارق بين الأصل والفرع بتلك العلة التي وقع الإلحاق بها» اهـ كلامه.
  أقول: من هو الذي ألحق؟! وفي أي كتاب؟! ومن قال هذا؟! «وثالثاً بوجود الفارق بين الأصل والفرع» اهـ، وهو كلام مكرر خال عن الصحة والفائدة.
  ثم قال: «فالحق أنه لا يثبت الفسخ للصغيرة عند بلوغها وعلمها من غير فرق بين كون العاقد أباً أو غيره إذا كان قد وقع تحري المصلحة على الوجه المطلق، كما أشار إليه في قوله تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاء قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاء}[النساء: ١٢٧] الآية» اهـ كلامه.
  أقول: الآن استقر رأيه على عدم الفسخ للصغيرة متى بلغت! سواء كان العاقد أباها أو غيره، مع أن الأصل في الأولياء عدم الصلاح إلا الأب؛ لأنها في حكم المملوكة لأبيها؛ ولأنه أتم الناس رعاية لمصلحتها. أما كونها في حكم المملوكة فلقوله تعالى: {وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ}[البقرة: ٢٣٣]؛ فأضافه(١) إليه(٢) بلام الملك؛ ولقوله تعالى: {فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا}[مريم: ٥]، {وَوَهَبْنَا لَهُ} إلى غير ذلك من الآيات؛ ولقوله ÷: «أنت ومالك لأبيك»، ولافرق بين الذكر والأنثى في هذا الحكم، وأما كونه أتم رعاية لمصلحتها فأمر لا يحتاج إلى بيان.
  إذا عرفت أن هذا في حق الأب، ولا يوجد في غيره؛ فلا يصح إلحاق غير الأب بالأب؛ لحصول الفارق؛ فمن حق الصغيرة أن تفسخ متى بلغت وعلمت أن لها الحق، فإن تراخت؛ لعدم علمها فلا يضر؛ وهذا معنى قول الإمام في (الأزهار): «وتخير الصغيرة مضيقاً متى بلغت وعلمته، والعقدَ، وتَجدُّدَ الخيار إلا مَنْ زوَّجها أبوها كفؤًا لا يعاف» اهـ المراد.
  وقد حكي عن الإمام الشافعي أنه ألحق بالأب الجد، ورُدَّ بالفرق الحاصل بينهما؛ لأن
(١) أي المولود.
(٢) المولود له وهو الأب.