الفسخ
  ولاية الأب أصلية غير منتقلة إليه من أحد، وولاية الجد منتقلة عن الأب، ولا ولاية له مع الأب، والأب أيضًا يسقط الجد والإخوة إجماعًا، وليس هكذا الجد.
  أما الفقيه فقد سَوَّى بين كل الأقارب وقال: «سواء كان العاقد للصغيرة أباها أو غيره» اهـ.
  أقول: يعني حتى لو عقد للصغيرة ابن خالها، أو أخوها لأمها؛ لأنه لا فرق عنده في كون كل واحد له أن يعقد لها بجامع القرابة، وأنى له هذا؟! وقد رَدَّ النبي ÷ نكاح عم المرأة(١)؛ ففي بدائع الصنائع ج ٢ ص ٤٦٦: أن قدامة بن مظعون زوَّج ابنة أخيه عثمان بن مظعون من عبدالله بن عمر؛ فخيَّرها رسول الله ÷ بعد البلوغ، فاختارت نفسها، حتى روي أن ابن عمر قال: إنها انتزعت مني بعد أن امتلكتها. اهـ.
  والحديث مذكور في (المغني) لابن قدامة ج ٩ ص ٢٠٤.
  ومن أين لنا أن ابن العم قد توخى مصلحة ابنة عمه؟! ولا يبعد أنه إن كان الراغبَ فيها أخوه فقد كتم ما يعلم من سوء رعاية لمقام أخيه؛ لأنه يريدها له؛ لخصالها الكريمة؛ فتصير هي الضحية. فإن كان قياسا على مقام الأب فقد أبعد، وخانه ذهنه وما أسعد، وكيف يكون وقد رد النبيُّ ÷ نكاحَ ابنة مظعون.
  ثم قوله هذا: «سواء كان العاقد الأب أو غيره» اهـ. لم يقل به عالم قط، وإنما انفرد به من ينفرد بالمناكير المخالفة للنص والإجماع والقياس. لا قوة إلا بالله!.
  ثم يبالغ الفقيه فيقول: «إن العقد للصغيرة بدون مصلحة لا انعقاد له، ولها الفراق منه ما لم يقع منها رضا» اهـ.
  أقول: يعني إلا إذا أجازت عقده بقول أو تمكين له منها، وهل تلحق الإجازة عقودًا لا أصل لها؟! في شرع مَنْ؟ أو أنها لا تلحق إلا عقدًا صحيحًا يا قاضي الشرع؟!
(١) يعني مع وجود الأب. اهـ.