الخلوة الصحيحة توجب كامل المهر
الخلوة الصحيحة توجب كامل المهر
  قال الشوكاني: قوله «دل ذلك على أن من خلا بامرأة خلوة صحيحة وجب عليه كمال مهرها ... إلخ. أقول: ما ذكره من الأخبار ما كان مرفوعًا ففيه ضعف لا ينتهض معه للاحتجاج، وما كان موقوفًا فلا حجة فيه؛ والآية التي ذكرها آخر البحث لا تدل على ذلك؛ لأن الإفضاء المذكور فيها هو الاتصال الكامل الكائن بالجماع؛ لأن المقام مقام عتاب لمن أخذ من المهور شيئاً، أي أنه قد وقع بينهما ما يوجب الحرمة الكاملة والرعاية التامة، وهو ما يقع بين الزوجين، ولا يقع بين غيرهما، وليس ذلك إلا الجماع، ولو كان مجرد الخلوة كما زعمه لم يكن لذكره في هذه الآية كثير معنى؛ لأن الخلوة تقع بين الرجل ومحارمه، بل يقع بينه وبين الأجانب فكيف يذكر في مقام المبالغة، تحقيق الاستنكار، وقد يرد لغير ما ذكرناه مثل حديث: «من أفضى بيده إلى فرجه»، ومثل الحديث الذي ذكره المصنف: «لا يفضين رجل إلى رجل ... إلخ»؛ فالحاصل أنه لم يرد دليل تقوم به الحجة بوجوب كمال المهر بمجرد الخلوة والتمسك بغير ذلك لا يحل لا سيما في قطع أموال العباد؛ فإن أصلها التحريم بالكتاب والسنة؛ فلا ينتقل عن ذلك إلا بدليل» اهـ كلامه.
  أقول: نعم، هب من باب التنزل أن الحديث ضعيف؛ فهلا جعلته مع ما ثبت من الآثار الصحيحة عن علماء الصحابة تفسيرًا للخلوة؛ وتأييداً للحديث، فهم أعلم الناس بالتفسير، وبلسانهم نزل القرآن، ورأيهم في القضايا - لا سيما التي لا مسرح للاجتهاد فيها - أولى وأجدر بإجماع العلماء من اتباع رأي لا سند له ولا حجة معه؛ لأنه إن كان المرجع اللغة فهم أهلها، وإن كان التلقي عن رسول الله، فهم أوعية العلم، وحاشاهم أن يجتهدوا ويقولوا في العلم بغير علم.
  ثم إن قوله: «إن الإفضاء المذكور فيها هو الاتصال الكائن بالجماع ... إلخ» اهـ، ردٌّ لقول الصحابة وتفسيرهم، وهو لم يسند تأويله هذا إلى إمام من أئمة اللغة، ولا إلى كتاب،