وقوع طلاق السكران
وقوع طلاق السكران
  قال الشوكاني: «قوله: دل ذلك على صحة طلاق السكران ... إلخ. أقول: لا وجه للتعميم نفيًا وإثباتًا، بل المدار بقاء مقدار من العقل يعرف به ما يقول، فإن بقي ذلك المقدار فهو عاقل؛ لوجود القدر المعتبر، وإن لم يبق فهو مجنون، ولا تأثير؛ لكونه السبب في زوال عقل نفسه؛ فلا فرق بين جنون وجنون. وأما تعليل الوقوع بالعقوبة ففاسد؛ لأن للسكران عقوبة معروفة، والحاصل أنه لا تأثير؛ لكون سبب الزوال معصية، بل مناط التكليف وهو العقل إذا زال زال كل حكم شرعي» اهـ كلامه.
  أقول: يحاول الفقيه أن يدرج الجنون والسكر في سمط واحد، يظهر هذا من قوله: «لا فرق بين جنون وجنون» اهـ، لأجل يشملهما قول النبي ÷: «رفع القلم ... عن المجنون»؛ ويؤيد هذا المفهوم أنه قال: «لا فرق بين أن يكون هو سبب زوال عقله أو لا، سواء كان سبب زواله معصية أو غير معصية» اهـ.
  إذن فإذا أراد المرء أن ينجو من القصاص والدية وله خصم ما عليه إلا أن يسكر، ويُرَصِّص غريمه؛ فلا دية عليه ولا قود؛ لأنه كالمجنون، أو يسكر، ويزني، ويَقْذِف، ويُتْلِف، ولا حد عليه، ولا ضمان في شيء؛ لأنه ساكر، ولا فرق بين ساكر ومجنون - على رأي الفقيه - ثم إنه جاء بالكلام الغث هذا، وفي آخره قال: «والحاصل» اهـ. ونتأمل الحاصل، فإذا هو نفس ما تقدم.
  ويختم حاصله بقوله: «بل مناط التكليف هو العقل إذا زال زال كل حكم شرعي» اهـ.
  ولا أدري هل آنس رأيه هذا من كتاب فقه، أو كتاب حديث، أو تفسير، أو من قول العلماء؟! فلماذا لا يذكرون السند إليه؛ ليمكن الرجوع إلى القول، أو إلى الكتاب، وإلى دليله؟! ولو سئل الفقيه عن دليل رأيه هذا لعجز وانخزل.