الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

التخيير في الحضانة هو للمراهق الراشد لا للصبي

صفحة 370 - الجزء 2

التخيير في الحضانة هو للمراهق الراشد لا للصبي

  قال الإمام: عن أبي هريرة قال: جاءت امرأة إلى النبي ÷ فقالت: يا رسول الله إن زوجي يريد أن يذهب بابني، وإنه قد سقاني من بئر أبي عتبة وقد نفعني؟ فقال رسول الله: (استهما عليه) فقال زوجها: من يحاقني في ولدي؟ فقال النبي ÷: (هذا أبوك وهذه أمك فخذ بيد أيهما شئت) فأخذ بيد أمه فانطلقت به.

  قال الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان: (المراد به أن الصبي كان مراهقاً في حكم البلوغ لأن الصبي لو لم يبلغ هذا الحد فلا حكم لتخييره ... إلخ) اهـ كلام الإمام.

  قال الشوكاني: «قوله: المراد به أن الصبي كان مراهقاً في حكم البلوغ؛ لأن الصبي لو لم يبلغ هذا الحد فلا حكم لتخييره ... إلخ، أقول: هذا تأويل متعسف، ولامعنى لتخيير من كان مكلفاً أو مقارباً للتكليف؛ لأنه قد خرج عن زمن الحضانة، وصار في عداد الرجال الذين يكلفون غيرهم، ولا ينافي ذلك ثبوت الولاية لأبيه عليه؛ لأن الله يقول: {فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ}⁣[النساء: ٦] ولا ملازمة بين عدم الرشد والحضانة، فإنه قد يكون لا رُشْدَ له وهو ذو لحية» اهـ كلامه.

  ثم قال في آخر بحثه: «وأما قوله: إنما حملنا هذه الأحاديث لقوله: (أنتِ أحق به مالم تنكحي) فيقال: هذا الحديث لا يوجب عليك هذه التعسفات فإنه لم يقل لها: (أنتِ أحق به دائماً) بل قال لها ذلك في طفل صغير، والجمع بينه وبين أحاديث التخيير، مما لا يصعب على من له أدنى إلمام بعلم الأصول» اهـ كلامه.

  أقول: حديث «أنتِ أولى به ما لم تنكحي» الذي أغمض الفقيه من قوته، وحط من مكانته، وقلَّص من نفوذه هو حديث مشهور متلقى عند عامة العلماء بالقبول، رواه أبوداود بسند صحيح.