الباب الثالث في ذكر بعض خصائصه وشمائله الخلقية والخلقية
  وكان ÷ يشفع ويشفع إليه، وكان يمزح ولا يقول إلا حقاً ويوري، ولا يقول في توريته إلا حقاً، كما أنه إذا عزم على قصد جهة سأل عن جهة أخرى ومياهها ومراعيها ومنازلها، ومثل ذلك في الجهاد.
  كان دخوله لنفسه مأذوناً في ذلك، وكان إذا أوى إلى منزله جزا دخوله ثلاثة أجزاء جزء الله، وجزء لأهله، وجزء لنفسه، ثم جزأ جزاه بينه وبين الناس فيرد ذلك على العامة بالخاصة ولا يدخر عنهم شيئاً، فكان من سيرته في جزء الأمة إيثار أهل الفضل بإذنه وقسمته على قدر فضلهم في الدين منهم ذو الحاجة ومنهم ذو الحاجتين ومنهم ذو الحوائج، ويخبر بالذي ينبغي لهم ويقول: «ليبلغ الشاهد منكم الغائب وأبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغي حاجته، فإنه من أبلغ سلطاناً حاجة من لا يستطيع إبلاغها ثبت الله قدميه يوم القيامة».
  وكان ÷ يبدأ من لقيه بالسلام وإن بدأه أحد رد عليه مثل ذلك وأفضل على الفور من غير تأخير، ولا يكتفي بالإيماء والإشارة، ويأمر بإفشاء السلام، ويتحمل السلام إلى غيره ويبلغه، كما تحمل سلام الله سبحانه وتعالى إلى خديجة حين قال له جبريل #: إنها خديجة قد جاءتك بطعام فقل لها الرب يسلم عليك، ويبشرك ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب، فأجابت: الله هو السلام، ومنه السلام، وعلى جبريل السلام.
  وكان يمر على الصبيان أو العجائز والمساكين فيسلم عليهم، وإذا أتى باب قوم لا يقوم تجاه الباب بل يتيامن أو يتياسر فيقول: «السلام عليكم» وإذا دخل سلم وإذا رجع سلم.