النصوص الصحيحية والأخبار الصحيحة،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

الباب الثالث في ذكر بعض خصائصه وشمائله الخلقية والخلقية

صفحة 188 - الجزء 1

  الفقر ولا يبالي بالعدم، وإذا رأى محتاجاً أثره بطعامه وشرابه وبعض ثيابه، وكان يتنوع في العطاء والصدقة فحيناً يَهَبُ، وحيناً يتصدق، وحيناً يهدي، وحيناً يشتري شيئاً ويدفع ثمنه ثم يهبه لبايعه، وحيناً يقترض ويؤدي أكثر من المبلغ، وحيناً كان يشتري شيئاً ويؤدي أكثر من الثمن، وحيناً كان يقبل الهدية ويُنعم بأضعافها وكان الغرض إيصال أنواع الإحسان إلى الخلق مهما أمكن، وكان لا يرد سائلاً ويعطي بعض ما تعجز الملوك عن أقله، وكان يأمر الناس بالصدقة ويحرض عليها ويشرح فوائدها في دفع المضار وجلب المنافع الدنيوية والأخروية وأنها تدفع البلاء المبرم، وأنها تدفع غضب الرب جل وعلا.

  وعن جابر: ما سئل رسول الله ÷ شيئاً قط فقال لا، وكان يدعو إلى السماحة والسخاوة بحاله ومقاله وفعاله بحيث أن البخيل الشحيح إذا رآه أثر فيه وتخلق بالكرم والبذل، وكل من خالطه وصاحبه لم يكد يملك نفسه حتى يغلبه الإحسان والبذل، وكان ÷ أشد حياء من العذراء في خدرها.

  قال الحسين # والرضوان: سألت أبي عن سيرة النبي ÷ في جلسائه فقال: كان رسول الله ÷ دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب ولا فحاش، ولا عياب ولا مشاح يتغافل عما لا يشتهي، ولا يؤيس منه راجيه، ولا يخيب فيه، قد ترك نفسه من ثلاث: المراء، والإكثار، وما لا يعنيه، وترك الناس من ثلاث كان لا يذم أحداً ولا يعيبه، ولا يطلب عورته، ولا يتكلم إلا فيما رجا ثوابه، وإذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير، فإذا سكت