الباب الثالث في ذكر بعض خصائصه وشمائله الخلقية والخلقية
  تكلموا لا يتنازعون عنده الحديث، ومن تكلم عنده أنصتوا له حتى يفرغ حديثهم عنده حديث أولهم، يضحك مما يضحكون منه، ويتعجب مما يتعجبون منه، ويصبر للغريب على الجفوة في منطقه ومسألته، إن كان أصحابه ليستجلبونهم ويقول: «إذا رأيتم طالب حاجة يطلبها فأرفدوه ولا يقبل الثناء من مكافئ، ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجوز فيقطعه بنهي أو قيام» انتهى.
  ما ضرب بيده شيئاً قط إلا أن يجاهد في سبيل الله، ولا ضرب خادماً ولا امرأة، أخيف في الله وما يخاف أحد، وأوذي في الله وما يؤذى أحد، وصلى الله وما يصلي أحد، وصام الله وما يصوم أحد، وتحنث الله وما يتحنث أحد، وتعبد الله وما يتعبد أحد، ولقد أتى عليه ثلاثون من بين ليلة ويوم وما له ولبلال طعام يأكله ذو كبد إلا شيء يواريه إبط بلال وفي رواية يظل اليوم يلتوي وما يجد من الدقل ما يملأ به بطنه، ولقد كشف بعض أصحابه في بعض الأماكن عن حجر من الجوع فكشف لهم عن حجرين. أخذ يوماً كسرة من خبز الشعير فوضع عليها تمر وقال: «هذه إدام هذه وأكل».
  وكان ÷ يمزح ولا يقول إلا حقاً، وقال لأنس يوماً: «يا ذا الأذنين»، وكان يحسن السباحة، والعوم، والرماية، وركوب الخيل وربما ركب الفرس عرياً أي بدون سرج.
  وكان ÷ يحب الأخيار والضعفاء والمساكين، وكان الذين يلونه من الناس خيارهم، وأفضلهم عنده أعمهم نصيحة، وأكثرهم نفعاً للناس،