طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

في المحبة لله تعالى وحسن المراقبة

صفحة 118 - الجزء 1

  الحجاب بيني وبينه، فلما ذكر الحجاب [يعني حجاب الجهل به ø] صاح يحيى - عليه الصلاة والسلام - فلم يفق ثلاثة أيام، فلما أفاق قال: فمن لم يرض بك صاحباً فبمن يرضي، وكيف أصاحب خلقك وقد دعوتني إِلي مصاحبتك؟!.

  وقال ذو النون: أوحى الله تعالى إلى موسى - عليه الصلاة والسلام -: يا موسى كن كالطير الواحد يأكل من رؤوس الأشجار، ويشرب من ماء القراح، إذا جنَّه الليل آوى إلى كهف من الكهوف استئناساً بي، واستيحاشاً ممن عصاني، يا موسى إني آليت على نفسي أن لا أتمم للمدبر عني عملاً، ولأقطعن أمل كل مؤمل غيري، ولأقصمن ظهر من استأنس إلى سواي، ولأطيلن وحشة من استأنس بغيري، ولأعرضنَّ عمن أحب حبيباً سواي، يا موسى إن لي عباداً إن ناجوني أصغيت إليهم، وإن نادوني أقبلت عليهم، وإن أقبلوا علي أدنيتهم، وإن دنوا مني قربتهم، وإن تقربوا مني اكتنفتهم، وإن والوني واليتهم، وإن صافوني صافيتهم، وإن عملوا لي جازيتهم، أنا مدبّر قلوبهم، وسائس قلوبهم وأحوالهم، لم أجعل لقلوبهم راحة إلا في ذكري، فهؤلاء سقامهم شفاء، وعلى قلوبهم ضياء، ولا يستأنسون إلا بي، ولا يحطون رحال قلوبهم إلا عندي، ولا يستقر بهم القرار إلا إليَّ.

  اللهم اعمر قلوبنا بحبك وشكرك، ووفقنا للقيام بذكرك، وآمنا من سطوة مكرك، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، إنك أهل التقوى وأهل المغفرة وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه الراشدين، آمين، وارزقنا حبك، وحب من يحبك وحب كل عمل يقربنا إلي حبك يا أرحم الراحمين.