طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

حكاية أبي زرعة والمرأة

صفحة 177 - الجزء 1

  بدين، فلم أزل أدعوهم إلى الإسلام وأتلطف في العطف بهم حتى دخلوا فيه أرسالاً، وأقبلوا عليه إقبالاً، وظهر لهم الحق فعرفوا التوحيد والعدل، فهدى الله بي منهم زهاء مائة ألف رجل وامرأة، فهم الآن يتكلمون في التوحيد والعدل مستبصرين، ويناظرون عليها مجتهدين، ويدعون إليها محتسبين، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويقيمون حدود الصلوات المكتوبة والفرائض المفروضات، وفيهم من لو وجد ألف دينار ملقى على الطريق لم يأخذها لنفسه، وينصبه على رأس مزراقة ينشده ويعرفه، ثم قاموا بنصرتي وناصبوا آباءهم وأبناءهم وأكابرهم الحرب في هداي واتباع أمري في نصرة الحق وأهله، لا يولي أحد منهم من عدوه ولا يعرف غير الإقدام، فلو لقيت منهم ألف جريح لم تر مجروحاً في قفاه وظهره، وإنما جراحاتهم في وجوههم وأقدامهم، يرون الفرار من الزحف إذا كانوا معي كفراً والقتل شهادة وغناً، ثم قال: وأنتم أيضاً معاشر الرعية فليس عليكم دوني، حجاب ولا على بابي بواب، ولا على رأسي خلق من الزبانية، ولا أتخذ أحداً من أعوان الظلمة كبيركم أخي، وشابكم ولدي، لا آنس إلا بأهل العلم منكم، ولا أستريح إلا إلى مفاوضتكم، فسلوني عن أمر دينكم وما يعنيكم من العلم وتفسير القرآن فإنا نحن تراجمته وأولى الخلق به، وهو الذي قرن بنا وقرنا به، فقال أبي رسول الله ÷: «إني مخلف فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي: كتاب الله وعترتي أهل بيتي» والله ولي توفيقكم لرشدكم وحسبي الله وحده وعليه توكلت وإليه أنيب.

  وكان - رضي الله - عنه وأرضاه زاهداً ويقول: ليس لي شبرٌ من الأرض ولا يكون إن شاء الله، قوياً في الحق مستمسكاً بقول الرسول ÷: «لو أنَّ عبداً قام