حكاية للعائدين إلى الله
  ¤ ويختم كل عبارة بالصيحة المؤثرة الله أكبر ولله الحمد.
  في هذه اللحظات الرهيبة سمعنا هدير سيارة تقترب، ثم لم تلبث أن سكت محركها وفتحت البوابة المحروسة ليندفع من خلالها ضابط من ذوي الرتب العالية وهو يصيح بالجلادين مكانكم!
  ثم تقدم نحو صاحبنا الذي لم نزل إلى جواره على جانبي المشنقة، وبعد أن أمر الضابط بإزالة الرباط عن عينيه ورفع الحبل عن عنقه جعل يكلمه بصوت مرتعش ياأخي ... يا سيد إني قادم إليك بهدية من الرئيس الحليم الرحيم! [يعني عبد الناصر] كلمة واحدة تذيلها بتوقيعك ثم تطلب ما تشاء لك ولإخوانك هؤلاء. ولم ينتظر الجواب وفتح الكراس الذي بيده وهو يقول: اكتب ياأخي هذه العبارة فقط: [لقد كنت مخطئاً وإني أعتذر] ورفع سيد عينيه الصافيتين وقد غمرت وجهه ابتسامة لا قدرة لنا على وصفها، وقال للضابط في هدوء عجيب:
  أبداً ... لن أشتري الحياة الزايلة بكذبة لن تزول! قال الضابط بلهجة يمازجها الحزن: ولكنه الموت يا سيد ... وأجاب سيد: يا مرحباً بالموت في سبيل الله. الله أكبر! هكذا تكون العزة الإيمانية، ولم يبق مجال للاستمرار في الحوار فأشار الضابط للعشماوي بوجوب التنفيذ، وسرعان ما تأرجح جسد سيد ¦ وإخوانه في الهواء ... وعلى لسان كل منهم الكلمة التي لا نستطيع لها نسياناً. ولم نشعر قط بمثل وقعها في غير ذلك الموقف [لا إله إلا الله محمد رسول الله].
  وهكذا كان هذا المشهد سبباً في هدايتنا واستقامتنا، فنسأل الله الثبات.