طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

حكاية الرجل الصالح وعائلته القانعة بما كتب الله تعالى

صفحة 402 - الجزء 1

حكاية الرجل الصالح وعائلته القانعة بما كتب الله تعالى

  وحكى الحازمي في كتابه عن اللواء الركن محمود شيت خطاب (عراقي متقاعد) قال:

  كان رجلاً معدماً ولكنه سعيد، وكانت له عائلة مكونة من زوجة وخمسة أولاد وأختين ووالدة طاعنة في السن. له حانوت يبيع فيه الخضروات، اليقطين، والباذنجان، والسلق، والفجل، والطماطم ... إلخ، حانوته هذه في طريق فرعية يبيع فيه سلعته على جيرانه من الفقراء فلم يكن له من المال ما يؤجر به حانوتاً في موقع ممتاز أو يشتري به سلعة ممتازة. أما داره الخربة فتسمى من باب المجاز داراً فليست في حقيقتها إلا غرفة واحدة حولها ركام من الأنقاض، وفي هذه الغرفة ينام أفراد العائلة يطبخون ويستحمون، وإذا ما عاد الرجل إلى داره بعد غروب الشمس ومعه الخضرة واللحم والخبز تستقبله العائلة كلها بالفرح، والتصفيق، والأغاني والأهازيج، ويتناولون منه ما بيديه من طعام، ويهرعون إلى القدر لإعداد العشاء، ولم يكن في كل يوم يحضر اللحم، فإذا كان مبيعه اليومي رابحاً استطاع أن يشتري لحماً وإلا فعشاء عائلته من بقايا ما كسد من خضرة حانوته، وكانت تلك العائلة تسكن إلى جوار حاكم في المحكمة العليا، وكان ذلك الحاكم يعطف على تلك العائلة ويزورها بين حين وآخر، وهذا الحاكم كثيراً ما حدثني عن عائلة جاره، قائلاً: لم أر في حياتي عائلة سعيدة مثل هذه العائلة، ولم أر فرحاً غامراً كالفرح الذي يشيع في العائلة عندما يعود ربها من عمله مساءً، وكنت كثيراً ما أحب أن أعيش وقتاً سعيداً بينها حين يصل جاري إلى داره فتستقبله