الملاح القاتل للطفل وأمه
  يوم الخميس من كل أسبوع ليحملهما من جانب النهر إلى الجانب الآخر في غدوهما ورواحهما.
  ومضى عامان حسبها الفتى قرنين، فقد ظل حزيناً ساهماً يفكر في فتاته لم يستطع الزواج بها لظروفه الاقتصادية القاسية، وفي يوم من الأيام حمل في قاربه فتاة وطفلاً وكان الضباب كثيفاً والجو غائماً وشرع يحرك مجدافيه وابتعد بقاربه عن جانب الرصافة، حتى أصبح في وسط النهر، وفجأة رأى فتاته تحمل طفلها الرضيع من زوجها الذي زفت إليه قبل سنتين، فأمعن النظر في وجهها طويلاً حتى تأكد من أنها فتاته التي هام بها، وكانت في شغل شاغل عنه بطفلها فناداها وذكرها، ولم تكن ناسية فقالت له: لست لك اليوم فأنا بذمة زوج وهذا طفلي، ولكنه تمادى في غيه وقد تقمصه الشيطان فأصبح نسخة طبق الأصل منه، وزاد عليه ما يعتلج في نفس الإنسان الأمارة بالسوء.
  وراودها عن نفسها فاستعصمت، وهددها بإغراق طفلها في النهر فما استكانت ونفذ وعيده فأغرق طفلها حتى ابتلعه اليم فما هانت، وهاجمها بخنجره فاستأسدت، وطعنها بضع طعنات فما ضعفت، وجرجرها إلى صدره ليضمها إلى صدره فقاومت وغلب عليها النزيف، فما استسلمت، ولفظت أنفاسها الأخيرة وهي تدافع عن شرفها وعرضها، فحمل الجاني جثتها وقذفها في الماء الجاري. وانحدر إلى ركن قصير من ساحل دجلة وغسل قاربه من الدماء وتخلص من آثار الجريمة بهدوء وروية، وذهبت الجريمة، وسجل أن المجرم مجهول الهوية.
  ولكن المجرم لم يصبر على عمله ملاحاً في قاربه فقد كان يخيل إليه كلما مر في وسط النهر بالقرب من الموضع الذي ارتكب فيه جريمته بأن الطفل الذي أغرقه