حكاية صلاة لأحد الصالحين بمفازة
  بعض إخوانه: أما أنا فإن الصوم يشق بي فقال ¥: وأنا الإفطار يشق بي، سبحان الله أليس الذي أنت تأكله بالنهار تأكله في الليل وتنال درجة الصائم الذي ليس له جزاء إلا الجنة كما في الخبر.
  قال مؤلف سيرته السيد الإمام يحيى بن المهدي - رضي الله تعالى عنه -: كنت معه في سفره إلى خُبان مذحج لزيارة إخوانه، فسرنا إلى بلد يقال لها دَمْت وبالقرب منه عين حارة يقال لها بربرة وهي آية من آيات الله تعالى جبل شاهق على شكل القدر، فطلعنا إلى أعلاها فأشرفنا عليها وهي تفور وتغلي وزوّها يأخذ الوجه واستدارة الماء في رأس الجبل قدر (المرجام)، قيل: إن الطير إذا مر عليها سقط فيها، وينبع في عرض هذا الجبل عيون كثيرة تفور وتغلي وإذا وضع الإنسان يده أو رجله رفعها سريعاً من شدة حر الماء، والزمني والمرضى يقصدونها ويتحممون فيها، فوقفنا معه ثلاثة أيام، نشاهد هذه الآية العظيمة ونغتسل فيها مراراً، فطلعنا إلى أسفل خبان فأصابنا العطش، وربما خف علينا العشاء فَقِلْنَا تحت شجرة ففتح لنا بشيء من الخبز والماء البارد، فعولنا عليه كثيراً لأجل الحمى (أي الحر) الذي اعترانا فما ساعدنا بل قال: عرضت على نفسي ألوان الطبايخ هذه الساعة حتى الزبرناخ، وألوان الفاكهة، وألوان الطعام والشراب، فما رغبت في شيء مرة واحدة فالحمد لله. وقصده والله أعلم يخفف علينا اشتغالنا بحاله.
  وروي لي يوماً أن طفلة خرجت من بيت قوم صالحين فرأت رجلاً يأكل بالنهار في غير شهر رمضان فقالت لأهلها: إني رأيت رجلاً يأكل بالنهار لعله يهودي، فقالوا لها: مهلاً نستغفر الله العظيم، يعني هذا غير شهر رمضان ومن أراد أن يفطر فليفطر.