طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

حكاية العجوز والفتاة

صفحة 84 - الجزء 1

  الرقص، هي زنجبيل بغباره، حورية من حور الجنة لا تعرف الرقص ولا اللعب لم تخرج عند أحد، ولكن تتفرج انتبهي يابنتي، وخرجت العجوز بها محلاة مكحلة منقشة بأحسن زينتها وثيابها ودخلت بها من زقاق إلى آخر، ومن حارة إلى حارة، حتى ضيعت كل مدارك البنت وهي تقول إلى متى يغلق عليك أهلك؟ وإلى متى وأنت على الكتب؟ الآن اعرفي الناس وستذكريني وتقولي رعى الله تلك العجوز، وافهمي مني كوني مؤدبة ومطيعة ولا يرتفع لك صوت ولا تنزعجي من الذي ستدخلي عنده، وكم مثلك كن منزعجات وهكذا الدنيا. وصك هذا الكلام سمع الفتاة، ما هذا الكلام؟ أظن العجوز تخرف! أين أنا وأين بيتنا؟ وقالت للعجوز: ما اسم هذه الحارة؟ قالت العجوز: هذه حارة أهل الهوى، فقالت الفتاة يا ويلاه ما هذا الكلام يا عجوز؟ قالت لها: لا تخافي كوني مؤدبة، فكم مثلك قد قرعت هذا الباب، وقرعت باباً إلى الشارع، وبأسرع من لمح البصر فتح الباب من كان على الموعد وبانتظار، ودفعتها إلى الداخل وأغلقت الباب من الخارج وجعلت عليه قفلاً وأقفل من الداخل، وتلقاها شاب ممتلئ الجسم عليه آثار النعيم، ويظهر أنه من الناس الأغنياء المترفين ورحب بها، وعرفت الفتاة الحيلة فأخذها ما بعد وما قرب فتعلقت بالباب، وصاحت وانتحبت وكادت تسقط مغمى عليها، ولكنه زفها بين يديه إلى الداخل ومنه إلى الأعلى وهو يقبلها ويطمئنها ويحاول أن تسكت من البكاء ويقول لها: المال يأتي بالجن المربطة اطمئني فأنا العريس وأنت العروس، ولا يوجد بنت في هذه الحارة إلا جاءت بها هذه العجوز إلى هنا حتى أكثر من عشرين بنتاً، وكل واحدة إذا أدخلتها العجوز لا تتكلم بكلمة واحدة وتصبر ثم تخرج مع العجوز على الموعد ولا أحد يدري لا أبوها ولا أمها ولا إخوتها، وبعضهن الآن يأتين إلى اختيارا