حكاية العجوز والفتاة
  وتسمعه وهو يردد {رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ ٩٧ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ ٩٨}[المؤمنون] أعوذ بالله من غضبه وعقابه، ومن شر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون ويعود إلى الكتاب ثم أخذ مصحفاً وجعله على صدره وهو يكرر الدعاء والتعوذ، فعل ذلك عدة مرات، وفي الأخيرة وضع إصبع يده اليسرى على السراج حتى يقزقز اللحم، وانبعثت له رائحة ثم يقرأ ويرجع إلى تحريق أصابعه الخمس إصبعاً إصبعاً، وكانت الفتاة تنظر إلى ذلك وتعرف ما وراءه وهي الذكية الألمعية المتعلمة المؤمنة، ورددت في نفسها: اللهم احفظه واحفظني، قالت وكنت أردد قراءة السبع المنقذات والفاتحة، وبينما هما كذلك إذ ارتفع صوت الحق بأذان الفجر، فلم تشعر الفتاة إلا بدموعه تسيل على الكتاب وأكب عليه وهو يردد الآية الكريمة، فقال: الحمد لله الآن أذن المؤذن مع السلامة يا فتاة فقد أثرت عواطفي، وبلبلت بالي، واشتغلت عن مراجعة كتبي، لاقوة إلا بالله، فقامت وقلبه وروحه معها، ولكن كيف وهو المعتصم بحبل الله المتين، فقالت: أنا أريد غرب السائلة فأين أذهب بعد الباب، اليمين أم اليسار؟ قال: اذهبي إلى اليمين بعد أن تخرجي من الباب الذي دخلت منه، وفي أسفل الشارع تلقين طريقين اسلكي اليمين، والحمد لله قد خلت الشوارع من الكلاب لأن الناس خرجوا من بيوتهم إلى المساجد. وردد في نفسه {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى}[يوسف: ٨٦] قالت: وخرجت وكأني قد ملكت الدنيا بالسلامة من تلك الليلة الرهيبة وردد لساني الآية الكريمة {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ٢}[الطلاق] {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ٤}[الطلاق]، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ٥}[الطلاق] اللهم النجاة، اللهم السلامة، اللهم التوفيق، ماذا أقول لأبي الغيور وأمي الفاضلة وإخوتي،