طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

حكاية الدنيا مع أمير المؤمنين

صفحة 65 - الجزء 1

حكاية الدنيا مع أمير المؤمنين

  روى أن الدنيا تمثلت لعلي بن أبي طالب - كرم الله وجهه - ورضي عنه في صورة امرأةٍ قد تزينت له بكل زينة، وهي تظن أنه لا يعرفها، فلما رآها قال لها: ألست الدنيا؟ قالت: بلى، فكيف عرفتني؟ فقال: كشف لي الغطاء فعرفتك، فقالت له: كلمني كلمة واحدة، فقال لها: أنتِ مطلقتي، وكلام المطلقة حرام أخرجي من داري قالت له الدار داري قال: صدقت وخرج هو وتركها فخرجت خلفه لتقد قميصه كزليخا مع يوسف #، فلم تجد إلا درعاً فقالت: سلمت مني يا علي، فقال لها: اخدعي غيري وأنشد:

  وماهي إلا جيفة مستحيلة ... عليها كلاب همهن اجتذابها

  فإن تجتنبها كنت سلماً لأهلها ... وإن تجتذبها نازعتك كلابها

  وأنشد الشريف الرضي:

  عتبتُ على الدنيا فقلت: إلى متى ... أكابد هماً ليلُه غيرُ منجلي

  أكل كريم من علي جدوده ... حرام عليه الرزق غير محلل

  فقالت: نعم يابن الكرام رميتكم ... بسهم عناد منذ طلقني علي

  وقال غيره:

  أرى طالب الدنيا وإن طال عمره ... ونال من الدنيا سروراً وأنعما

  كبانٍ بنى بنيانه فأتمه ... فلما استوى ما قد بناه تهدما