فصل في علاج الرياء
  العبد حمد من أحد، ولا يضره ذم، اذ العمدة ما يعلمه الله تعالى في السر والعلانية ... الثاني العمل فعلى العبد أن يعود نفسه كتم الاعمال الصالحة اذ لا منفعة في اظهار شيء منها مع علمه بما قدمناه الثالث أن يشمر العبد في قطع أسباب الرياء التي توجبه فيغرس في قلبه القناعة ويقلع الطمع والحرص الذي هو أعظم أسبابه الردية ويسقط نفسه عن أعين المخلوقين حتى يستحقر مدحهم له وذمهم له فلا يرى لها وزناً في قلبه ويستعين على ذلك بالله تعالى فإن الشيطان لا يترك معارضة العبد في كل عمل مبرور فيسول له خواطر الرياء ليفسد عليه ذلك العمل وهي ثلاثة أمور: الاول حب اطلاع الخلق أو رجاء اطلاعهم عليه.
  الثاني هيجان(١) الرغبة في حمدهم له لتكون له المنزلة عندهم.
  الثالث قبول النفس له والركون اليه والاغترار بعقد الضمير على تحقيقه اي تصديقه مع ان هذا لا ينفعه بل يضره فيجب عليه جهاد نفسه عن حب ذلك والميل اليه هذا ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها فأما خطرات الوساوس فلا يؤاخذ بها كما تقدم فنسأل الله تعالى خلوص الاعمال لوجهه الكريم.
  (فائدة * قد يحسن من العبد اظهار العمل لمصلحة) لكن عليه ان يتحرى في تلك المصلحة لئلا يكون من غرور
(١) هجاه يهجوه وقع فيه بالشعر وشبه وعابه والاسم الهجاء انتهى مصباح ومعناه هنا حصول الرغبة منه في حمدهم.