رضاء رب العباد الفاتح لباب كنز الرشاد،

محمد بن مطهر الغشم (المتوفى: 1355 هـ)

فصل

صفحة 162 - الجزء 1

  من فخر واين الفخر بمن عصي الرحمن وأطاع الشيطان وانسلخ الى الدنيا الفانية وفاته الفوز في الآخرة بالرضوان من الرحمن وصار في دار الهوان في هوان.

  فلو نظر المفتخر بهم الى صورهم في النار والى ما أعد الله لهم من الخزي والنكالات لتبرأ من الانتساب اليهم ولرضي بالانتساب الى الكلاب والخنازير ولا ينتسب اليهم (تقيل وأما من شرف بالدين فلا بأس بالافتخار به اذ فيه رفع لمنار الدين ومنه قوله ÷ «أنا ابن الذبيحين») قلت ولا يكون ذلك إلا اذا ثمة مصلحة دينية كما تقدم مع النية الصالحة والحرص على الاعمال الصالحة من دون ركون على من سلف من الآباء والأجداد قال الله تعالى {وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا}⁣[لقمان: ٣٣] (اما الافتخار بكثرة الرجال عدداً فمكاثرة قطعاً) قال الله تعالى في معرض الذم {أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا ٣٤}⁣[الكهف] للمفتخر بذلك على أخيه وكان عاقبته كما لا يخفى.

  وقال عز قائلا: {يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ٤١}⁣[الدخان] وقال تعالى {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ ٣٤ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ ٣٥ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ ٣٦ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ٣٧}⁣[عبس] وكيف الافتخار بمن لا ينفع في وقت المنفعة ففي غيره لا ينفع مع أن الأعوان في الدنيا أقرب ما يتفرقون عنه فكأنهم لم يكونوا فلاعون معتد به إلا بالله تعالى (ومن المكاثرة رفع البنيان والزخرفة فوق القدر المحتاج اليه قصداً للتطاول على من لم يتمكن من مثل ذلك) فإنه يحرم ذلك لقول الله تعالى {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ١٨}⁣[لقمان] وانه من أمور الدنيا المذمومة المقصودة في قوله تعالى