رضاء رب العباد الفاتح لباب كنز الرشاد،

محمد بن مطهر الغشم (المتوفى: 1355 هـ)

المقدمة

صفحة 22 - الجزء 1

  ووجود الندم وما يحثه على ذلك من عقل وكتاب ورسول.

  وشيب وعبر لا تحصى، فكيف بعد هذا يكون الاعراض والتغافل والتسويف بالتوبة والتكاسل فهل من عجب اعجب من هذا حتى (قال بعض الأولياء ما رأيت يقيناً لا شك معه) يعني الموت فإنه معلوم ضرورة لا ينتفي بشك ولا شبهة عند جميع العباد لكن مع عدم الاهتمام به كان (أشبه بالشك الذي لا يقين معه) ثم فسر كلامه بقوله (مثل الموت) فإن حقه - مع عظيم اليقين به وكيفيته بأنه مصيبة لا تدفع.

  ونازل في كل لحظة متوقع - أن لا يغفل عنه المرء طرقة عين (وما هكذا) يعني الغفلة عن الموت (حال كامل العقل والتمييز) فإن العقل قاض بالتيقظ له والاستعداد الكامل الذي يكون ان شاء الله تعالى بالنجاة والرضوان من الله تعالى كافل.

  فليحذر العاقل أن يكون ممن انهمك في الدنيا وانكب على غرورها ومال الى شهواتها فإن نفسه تميل الى ذلك ميلا عظيماً حتى تعمى بصيرته فيحتاج لها الى الجهاد الأكبر بتحميلها المشاق في مدافعة هواها وإلا أهلكته وهو لا يشعر لتشميره الى موافقة هوى نفسه الأمارة بالسوء حتى انه يستثقل ذكر الموت الذي ليس له عنه محيص ويكرهه وان كان فيه نجاته ان تلافي نفسه بتكرير ذكره وجعله نصب عينيه بكل حال لئلا يصدق عليه قول الله تعالى {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ٨}⁣[الجمعة] فأنشد الله أمراً نظر بعقله الذي ركبه الله فيه