رضاء رب العباد الفاتح لباب كنز الرشاد،

محمد بن مطهر الغشم (المتوفى: 1355 هـ)

فصل

صفحة 233 - الجزء 1

  عن كل ما يشغل عن الله قبل الموت فكل ما فيه حظ وعرض ونصيب وشهوة ولذة في عاجل الحال قبل الوفاة فهي الدنيا وليس كل ذلك مذموما بل المذموم المنهي عن محبته هو كل ما فيه حظ عاجل ولا ثمرة له في الآخرة كالتلذذ بالمعاصي والتنعم بالمباحات الزائدة على قدر الضرورة والحاجة الداخلة في جملة الرفاهية والرعونة⁣(⁣١) كالتنعم بالقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والانعام والحرث والغلمان والجواري والمواشي والقصور والدور ورقيق الثياب ولذائذ الاطعمة فحظ العبد من هذا كله هو الدنيا المذمومة هكذا ذكره الغزالي وهو كلام قوي فانه وان كان كثير مما ذكره مباحا الا أن محبته والحرص عليه يقوم الى المعاصي ويغفل عن ذكر الله والدار الآخرة ويجر الى كل شر دنيء وقد ورد بتقرير ما ذكره أحاديث كثيرة منها قوله ÷ «من قضي نهمته من الدنيا حيل بينه وبين شهوته في الآخرة ومن مد عينه الى زينة المترفين كان مهيناً في ملكوت السموات والارض ومن صبر على القوت الشديد صبراً جميلا أسكنه الله من الفردوس حيث شاء» رواه الطبراني) قلت: والذي ظهر لي من مضمون ما ورد به الكتاب والسنة أن العمدة النية من الفاعل بنفس الفعل الذي يفعله فان قصد به وجه الله تعالى مما يقوي أمر الدين فلا يدخل في الدنيا المذمومة وان كان فعله


(١) الرعونة الحقم والاسترخاء واسترخي الشيء وتراخي السماء امطر انتهى. اختار فالرعونة هي الحماقة والحماقة فساد العقل انتهى مصباح.