فصل
  نفعهم تعبهم في جمع الدنيا بل صاروا بعد موتهم مسؤلين عنه معاقبين على ما كان من غير حل ويعالج قلبه أيضاً بالاخبار الواردة في ذم البخل ومدح السخاء وما توعد الله سبحانه على البخل وعقاب من منع ما يجب عليه اخراجه من ماله.
  ومما حكى من عجائب البخلاء. فمن أعجب ذلك أن رجلا بالبصرة بخيلا وكان موسرا فدعاه يوما بعض جيرانه وقدم اليه طباهجه وهو نوع من أنواع الطبائخ فأكل منها وأكثر وجعل يشرب الماء فانتفخ بطنه ونزل به الكرب والموت فجعل يتلوى فلما جهده الأمر وصف حاله لطبيب فقال له: لا بأس عليك تقيأ ما أكلت. فقال: هاه.
  أتقيأ طباهجة بيض؟ أموت ولا أتقيأ طباهجة بيض فمات وعلى الجملة فلا داء أدوى من البخل في الدنيا والدين.
  (تنبيه قد يتوهم من لا تأمل له أن التقتير المذموم نوع من الزهد وليس كما ظن فإن التقتير داعية حب الدنيا والحرص عليها والزهد تركها ورفضها فهما ضدان في الحقيقة) اذ الموجب للتقتير هنا شدة محبة المال وكيف يكون مثل ذلك عن الزهد فان الزهد ترك الدنيا بغضاً لها ومحبة للآخرة.