فصل
  الطباع الحميدة والطرائق(١) السديدة(٢) ولعل الجليس الصالح خير من الوحدة) وهذا أيضاً يختلف باختلاف الأحوال كما تقدم فلا يطرد في جميع الحالات.
  وللمجالسة آداب كثيرة: منها أن تلقى صديقك بوجه الرضى من غير ذلة ولا هم ولا هيبة من جهتهم وعليك بالوقار من دون تكبر بل تواضع من غير مذلة وكن في جميع أمورك في أوسطها ولا تنظر في عطفك(٣) ولا تكثر الالتفات ولا تقف عند الجماعات وتمكن في مجلسك ولا تشبك أصابعك ولا تعبث بلحيتك وخاتمك وتخليل أسنانك وكثرة البصاق والتنخم والتمطي والتثاؤب في وجوه الناس، وفي الصلاة وإدخال الأصبع في الأنف ونحو ذلك نعم وليكن حديثك حسناً منظوماً مرتباً ولا تحدث عن اعجابك بولدك وأهلك وشعرك وتصنيفك وجميع أفعالك وتوقف كثرة الاكتحال والاسراف بالدهن والالحاح في طلب الحاجات على العباد ولا تشجع أحداً على ظلم ولا قطيعة رحم.
  واذا خاصمت فتوقر وتحفظ من جهلك وتفكر في حجتك ولا تتكلم في حال غضبك إلا بعد سكونه واذا قربت الى سلطانه فأحذر منه وكن منه على حد السنان وان استرسل اليك فلا تأمن انقلابه عليك وارفق به رفقك بالصبي وكلمه بما يشتهيه ولا تدخل بينه وبين أهله وولده وحشمه وان كنت مستحقاً عنده فإن سقطة الداخل بين.
(١) أي المذاهب انتهى.
(٢) أي القائه بالحق انتهى مختار.
(٣) وعطف الرجل جانباه من لدن رأسه الى وركيه والورك ما فوق الفخذ انتهى مختار.