فصل
  بالملائكة يهدون الى الخير حيث كان ويأنس بهم في كل سعيد وهذا شيء موجود بالتجربة والعقل إلا أنهم قليلون في هذا الزمان أعني الصالحين الصادقين فنسأل الله تعالى حسن الختام والتوفيق الى رضاه (ويستعان على التوبة بأن يملأ القلب خوفاً وخشية لأن التوبة لا تكاد تتم وان تمت لم تصف ولا تدوم ما لم يصحبها الخوف) وأعظم جالب له التفكر في القرآن ومعانيه بأقبال صادق عليه (وقد نبه الله تعالى على ذلك بقوله تعالى: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ}[الأنعام: ٥١] الآية) ان يحشروا الى ربهم (ونحوها) والمراد هنا انذار المؤمنين، وقوله (يخافون لأيمانهم بالبعث) ونحوه، فإن قيل الانذار للمؤمن وغيره فجوابه أن المراد هنا من يؤثر فيه الانذار بخلاف غيرهم فكأنه لم يعتد بأنذارهم وأن أنذروا لعدم التأثير فيهم؛ ويدل عليه قول الله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ٦}[البقرة] وقوله {إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ}[يس: ١١] وقوله تعالى {لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا}[يس: ٧٠] أي مؤمناً {وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ ٧٠}[يس] فشبههم بالأموات ضد الاحياء (ولا شك ان الخوف للتوبة بمنزلة الاساس للبنيان ومن أبلغ دواعيها وأقوى أسبابها الاستكثار من ذكر الموت والاستشعار لأسباب الفوت والأحوال التي تكون قبل الموت وبعده) وإنما كان الخوف كالاساس لأنه الداعي أولا الى التوبة فلا تكون الا به ثم الحافظ لها من بعد لئلا تفسد مع الأمان بالعود الى مقارفة المعاصي وإنما قال # «الاستكثار من ذكر الموت لأنه لا يؤثر إلا ذلك المرة بعد المرة والكرة بعد الكرة.