فصل
  حالها عندك فمن هانت الدنيا عليه كبرت الآخرة لديه) ولذا ورد عن أمير المؤمنين علي # ما زاد في الآخرة نقص من الدنيا، وما زاد في الدنيا نقص من الآخرة.
  أو كما قال: وإن الدنيا والآخرة ضرتان اذا أرضيت أحداهما أغضبت الأخرى وغير ذلك.
  فمن تأمل ذلك وفناء الدنيا ودوام الآخرة هانت عليه الدنيا (وسهلت التوبة في حقه وكثرت دواعيه اليها) يعني الى التوبة النصوح، فحصل من هذا التنبيه تحتم ملازمة النظر في المواعظ لأنه ينجي من الهلاك الأكبر وهو العذاب الدائم، ويفضي بصاحبه الى الخلود في جنات النعيم نسأل الله الفوز برضوانه آمين.
  (تنبيه آخر مفيد جداً * اعلم ان الثبات على التوبة عسير والناكثون عنها الناقضون لها هم الجم الغفير قال بعض الحكماء: الناس في التوبة على ثلاث منازل) الأول منها: (رجل تاب عند نفسه ما لم تعرض له شهوة فاذا عرضت له أضاع المحاسبة وركبها وأكثر الناس على هذا).
  والمنزلة الثانية (رجل تاب بقلبه وجوارحه تضطرب عليه فيستقيم طوراً ويعدل عن المحجة أخرى فهو من نفسه في جهد ويحسب اجتهاده يزداد صفواً وكدراً).
  والمنزلة الثالثة (رجل تاب بقلبه وجوارحه قد عطف بعضها على بعض فأدمن المحاسبة مخافة أن ينقلب منه شيء ينقض توبته أو يظفر به عدوه) أي الشيطان أو الهوى فيفسد عليه عمله (فهذا الذي استوجب من