فصل
  والدنيا الفتانة (فيجب ان يستعين العبد على دفع الشهوات بمداومة الجوع والعطش) وبهذا ورد الخبر عنه ÷ «جاهدوا أنفسكم بالجوع والعطش فأن الأجر في ذلك كأجر المجاهد في سبيل الله وأنه ليس عمل أحب الى الله من جوع وعطش» وقال ÷ «لا يدخل ملكوت السموات والأرض من ملأ بطنه» أي لا يدخل فكر من تفكر في ملكوت السموات والأرض من ملأ بطنه.
  وقيل يا رسول الله أي الناس أفضل؟ قال: «من قل أكله وضحكه ورضي بما يستر عورته» وقال «أفضلكم عند الله أطولكم جوعاً» وقال «سيد الأعمال الجوع وذل النفس لباس الصوف» وعنه ÷ في خبر «وقلة الطعام العبادة» وكان ÷ يجوع من غير عوز أي مختاراً له.
  وقد تقدم شيء من ذلك وما يدفعها (ملازمة الخلوة) فإن بها يستقيم المحاسبة للنفس وعدم مشاهدة المائلين الى الشهوات وفراغ الفكر للتفكر الذي هو نصف العبادة.
  وكذلك للعبادات والسلامة من شرور العباد (وحب المال يدعو الى الجمع بين الحلال والحرام والشبهات) وهما من اعظم المهلكات (ومن جملة ما يدعو اليه) حب المال (البخل الذي يمنع من إيفاء ما وجب عليه من حقوق الله تعالى وحقوق بني آدم المتعلقة بالمال) وذلك كالزكاة والفطرة وما يجب من الضيافة ان كان من أهل البوادي ونحوها وكذلك المظالم والمكافأة والديون للمخلوقين، وكل ما أصاب من أموالهم بغير أمر