رضاء رب العباد الفاتح لباب كنز الرشاد،

محمد بن مطهر الغشم (المتوفى: 1355 هـ)

فصل

صفحة 434 - الجزء 1

  شرعي فيستعين بالله على التخلص من ذلك فلا مستعان سواه (وحب الشرف يدعو الى الحسد و والكبر والرياسة والغضب ويجمع ذلك كله حب الدنيا ولذا قال ÷ «حب الدنيا رأس كل خطيئة») فعلمت أن هذا الخبر من جوامع الكلم التي أعطاها الله عباده على لسان رسوله ÷ ولذا قال الفضيل بن عياض: ترك الدنيا ورفضها أحب الى الله من التعبد بعبادة أهل السموات والأرض كما تقدم.

  وورد في ذلك كتاباً وسنة ما لم يرد في غيره (وأشد الدواعي الى نقض التوبة دواعي الشهوات) اذ هي معظم الدنيا المذمومة الشاغلة عن الله تعالى (ولذلك ذمها الله تعالى بقوله {وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ٢٧}⁣[النساء] ونحوه) وقوله تعالى {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ}⁣[آل عمران: ١٤] الآية وقوله تعالى {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ١٥}⁣[التغابن] وقوله {لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ}⁣[المنافقون: ٩] وقوله {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ١٨٥}⁣[آل عمران] وكل ما ورد في ذم الدنيا صادق على ذلك مثل قوله تعالى {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا ١٨}⁣[الإسراء] وقوله {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا}⁣[الأحقاف: ٢٠] أي حظكم من الطيبات أذهبتموها بأشتغالكم بلذاتكم في الدنيا فلم يبق لكم منها شيء للآخرة وهذا دليل واضح أن ما زاد في الدنيا نقص من الأخرة والعكس كما قاله أمير المؤمنين علي رضوان الله عليه