فصل
  «قال بعض الحكماء: ليس لعدوك عليك سبيل ما دمت متسلطاً بسيف الصبر على شهواتك فإن تركت الصبر وملت على شهواتك تسلط عليك عدوك» والمراد بالعدو هنا هو النفس والشيطان والسيف توطين النفس والعزم الصادق على الصبر عن ملابسة الشهوات فاذا عرضت له شهوة قطعها بذلك الصبر وعزم عليه حتى يدفعها فيسلم من شرها فأما اذا لم يكن العزم صادقاً فلابس شهوة تسلط عليه عدوه فأورده كل الشهوات فأهلكه (ولذا تجد كثيراً من أبناء الدنيا المنهمكين فيها إذا تابوا لم يثبتوا على التوبة أما بأن لا ينسلخوا عنها جملة أو بأن يخلوا ببعض أركانها لأن دواعيهم الى الدنيا وصوارفهم عن الطاعات تكون بحالها لم يعالجوها) فمن هذه الجهة أهلكوا نفوسهم بسبب عدم العزم القاطع على الصبر عن الشهوات التي لا ترضي الله ووقوعه عند ورودها حتى لا يتصور ملابسة شيء منها البتة واذا قد وقع الصبر ولو كان مرأ مرة أو مرتين صارت النفس مأمورة للعقل وسطوته فلا تخالفه أبدا حتىً يفضي ذلك الى السعادة في الدارين وأما أذا أهملت النفس بعدم صدق العزم على الصبر ولو كان عزماً مثلاً لكنه غير صادق مفض الى وقوع الصبر فإنه لا ينفع وهو معني قوله # (كقاصد غيظه) وهي الموضع من الأرض الذي فيه الاشجار الكثيرة الملتفة (فمحها) أي قطعها كما حكاه في الضياء (وقطع أشجارها وترك عروقها بحالها لم يزلها ولا تعاهد الأرض بالتنقية) بل تركها بعد العمل بلا تعاهد وما طلع فيها