رضاء رب العباد الفاتح لباب كنز الرشاد،

محمد بن مطهر الغشم (المتوفى: 1355 هـ)

فصل

صفحة 437 - الجزء 1

  وعبر وكلها من الله نعم لأنها تذكير عسى أن ينزجر فإن أبي إلا البقاء عليه وعصيانه متعة الله ما شاء في هذه الدنيا ولم ينزع عنه مااعطاه فيها من نعمة مع أنه في حال عصيانه والله سبحانه منعم عليه حتى يأتيه أجله الضروب (ويصير في الانتهاء جيفة) لا يقبله حبيب ولا قريب بل يوارى ليستراح منه ويصاحبه عمله ليس له سواه إن خيرا، فخير وإن شرا فشر وأنى له الخلاص فما له في حال مهلته لا يتذكر بأن يقبل الطاف ربه (وبأن يقدر الله حق قدره) بما يستطيعه من معرفة الله بقدر جهده إذ لا يستطيع مكافأة الله تعالى على أصغر نعمة فكيف بجليلها ولا يقدر على تعظيمه الأعظم كنا قال الله تعالى {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ١١٠}⁣[طه] وقال عز قائلاً {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}⁣[الأنعام: ٩١] فكيف الغفلة عن هذا الرب العظيم من عبده الحقير الذليل المحتاج اليه في كل لحظة وكل طرفة كيف لا يتعبد له ويعرف قدر نعمه عليه؟ (ويجله ويخشع له) غاية الخشوع والخضوع بكليته ويفعل ما يثير خشوعه (يتذكر عظمته) أي عظمة الله تعالى (واقتداره على ما يشاء) ويدله على ذلك التفكر بما خلق الله له من العقل وأنعم عليه به في مخلوقات الله البديعة الدالة على قدرة الله وحكمته وعلمه وجميع صفاته الحميدة فيتفكر في الأرض وما عليها والسموات وما فيها والانفس وما ركب فيها وفي جميع المشاهدات التي يضطر من نظر فيها بعين الاعتبار الى الاقرار بعظمة صانعها وانه يحق له الخضوع والخشوع اللذان لا غاية لها وهذا التفكر في المشاهدات وأما فيما