رضاء رب العباد الفاتح لباب كنز الرشاد،

محمد بن مطهر الغشم (المتوفى: 1355 هـ)

خاتمة الكتاب

صفحة 446 - الجزء 1

  منه لا يخرج شيء منها عنه. ولذا قال الله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ٤٠ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ٤١}⁣[النازعات] والهوى لفظ يجمع جميع حظوظ النفس في الدنيا وقال⁣(⁣١) الرسول ÷ «حب الدنيا رأس كل خطيئة» فينبغي الجد والاجتهاد في طلب قلع حب الدنيا من القلب بكل قالع نافع، واذا يسر الله للعبد وأعانه على قلعه فليحافظ على حفظ قلبه عنه ويبشر بالسعادة الأبدية عند ربه في الآخرة الباقية.

  وعلاج قلع حب الدنيا المذمومة: أولا بمعرفة ماهيتها، لأن الدنيا عبارة عن ما كان قبل الموت، وليس كل ذلك مذموماً، وإنما المذموم ما لا تبقى ثمرته لك بعد الموت.

  وأما ما هو لله فمحمود لأن الدنيا مزرعة الآخرة، وكيف تكون مذمومة وفيها العلوم النافعة والأعمال الصالحة التي توجب رضوان الله تعالى، وإنما المذموم منها ما شغل عن الله تعالى وهو كل ما لم يكن له ثمرة في الآخرة ولا يوافق رضاء الله تعالى نحو التلذذ بالمعاصي والمباحات والزائدة على قدر الضرورة كالترفه والتنعم بالقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والانعام والحرث والغلمان والجواري والدور والقصور ورفيع الثياب ونحو ذلك مما لم يكن في شيء من هذه الأشياء مقصد مرض الله فإنه الدنيا المذمومة التي لعنها الله تعالى ورسوله وورد فيها الذم العظيم في كتاب الله تعالى والاخبار النبوية الكثيرة،


(١) اخرجه البيهقي في الشعب عن الحسن مرسلا بلفظه.