خاتمة الكتاب
  وقد تقدم شيء من ذلك.
  فمن أنفع القوالع بعد معرفة ما ذكر ماهيتها تحقيق النظر فيما ورد في ذمها وتكرير ذلك وتأمله بلا غفول عنه بل يجعله المرء من أهم أشغاله وهذا هو القالع الثاني من قوالع حب الدنيا عن القلب.
  القالع الثالث تأمل سرعة زوالها، وتقلب أحوالها مع أن الآتي من العمر مثل الماضي ينقضي في اسرع وقت، فلا ينتبه العبد إلا عند لقاء الله كما روي عن امير المؤمنين علي رضوان الله عليه: الناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا. ثم ما ينفع الندم بعد ذلك ومستقر المسيء الخلود في النار فنعوذ بالله تعالى من الغفلة.
  القالع الرابع التأمل الكامل في دوام الآخرة إما في نعيم مقيم عظيم أو في عذاب أليم وتحقق ذلك في فكره في جميع أوقاته.
  القالع الخامس تأمل بلايا الدنيا وكثرتها حتى لا يجد أحداً فيها إلا شاك من بلواها لانها ما خلقت إلا للبلوى، فكيف الغرور بها وهي كذلك.
  قال بعض الفضلاء: بنيت الدنيا على الضيق والكدر.
  والقالع السادس النظر في الأمثلة المضروبة لها في شدة غدرها وغرورها ومكرها وان باطنها خلاف ظاهرها فلا تزال خادعة لأهلها مهما أقبلوا عليها كأمرأة شأنها التزين للخطاب فمن تزوجها ذبحته وألقته في العذاب الدائم، فما أحقها بغاية الحذر ومثلت بالحية لين لمسها قاتل سمها.
  القالع السابع تحقيق النظر في عواقب من صحبها وركن اليها كما قال الله تعالى: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا