باب صفة الصلاة
  قال في الروض النضير رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام من السنن العظيمة وقد بلغت أحاديثه حد التواتر كما ذكره السيد الإمام محمد بن إبراهيم(١)، قال ابن حجر رفع اليدين في أول الصلاة خمسون صحابيا منهم العشرة، وادعى الإجماع ابن حزم والسبكي وابن المنذر.
  وأما حديث «ما لي أراكم رافعي أيديكم» الخبر إن صح يجاب عليه بوجهين:
  احدهما: أحاديث الرفع قطعية لتواترها ولا يصح نسخه لو سلم إلا بقطعي عند (الجمهور)، وعلى رأي الأقل من [جواز](٢) نسخ القطعي بالظني يرد عليه ما قيل: ما لي أراكم؟ استفهام إنكار ولا ينكر ÷ ما فعله وفعل أصحابه ولو كان من الأحكام المنسوخة لوقع التعبير عنه بما يفيد رفع الحكم الأول بلا إنكار كما قال في نسخ الكلام في الصلاة: «إن الله يحدث من أمره ما يشاء وانه احدث أن لا تتكلموا في الصلاة» [٢١٨]، ونحو ذلك مما يناسب ما يثبت(٣) شرعيته؛ أما التشنيع عليهم وتشبيه أيديهم بالأذناب فلا.
  ثانيهما: انه ذكره ردا على قوم كانوا يرفعون أيديهم في حال [السلام](٤) من الصلاة ويشيرون بها إلى الجانبين مسلمين على من حولهم فهوا عن ذلك كما صرح به في رواية (الأمير الحسين) [٢١٩] ومسلم، قال بعض سادات أهل البيت لم يخالف من أهل البيت في عدم القول بالرفع غير (الهادي #)[١] كما ذلك معروف.
  (الإمام زيد والناصر والمؤيد بالله ثم أبو حنيفة وأصحابه) وحده إلى حذاء أذنيه لقوله إلى فروع أذنيه.
  وزمن رفعه أن يبدأ التكبير مع إرسال اليدين لخبر (عائشة) كان ÷ يرفع يديه قبل النطق بتكبيرة الإحرام ثم يرسلهما -، والمرأة كالرجل في سنية الرفع، قال محمد بن منصور: المرأة ترفع يديها في تكبيرة الصلاة إلى ثديها في أول صلاتها [٢٢٠] لا اعلم بين أهل العلم في هذا اختلاف ومثله في الجامع الكافي.
  قوله: وحديث: «ما لي أراكم رافعي أيديكم» الخبر سيأتي قريبا.
  قوله: «إن الله يحدث من أمره ما شاء وانه احدث أن لا تتكلموا في الصلاة» أخرجه أحمد وابوداود والنسائي والبيهقي عن ابن مسعود عنه ÷.
  قوله: في رواية (الأمير الحسين) عن جابر بن سمرة: قال كنا إذا صلينا خلف رسول الله ÷ فسلم احدنا أشار بيده من عن يمينه ومن عن شماله فلما صلى قال: «ما بال أحدكم يومئ بيده كأنها أذناب خيل شمس [أما](٥) يكفي أو لا يكفي أحدكم أن يقول هكذا - وأشار بإصبعه - يسلم على أخيه عن يمينه وعن شماله» رواه في الشفاء والأصول، وفي رواية مسلم قال: كنا إذا صلينا مع النبي ÷ قلنا السلام عليكم ورحمة الله السلام عليكم ورحمة الله وأشار بيده إلى الجانبين، فقال النبي ÷: «علام تومون بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس(٦) إنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه ثم يسلم على أخيه من عن يمينه ومن عن شماله».
  قوله: لقوله إلى فروع أذنيه - تقدم من حديث المجموع.
  قوله: لخبر (عائشة) كان ÷ يرفع يديه قبل النطق بتكبيرة الإحرام ثم يرسلهما - تقدم.
  قوله: المرأة ترفع يديها الخ في الإكمال من كنز العمال عنه ÷ «يا وائل بن حجر(٧) إذا صليت فاجعل يديك حذاء أذنيك، والمرأة تجعل يديها حذاء ثدييها» أخرجه الطبراني.
(١) في التنقيح تمت.
(٢) من الروض. تمت.
(٣) في الروض: ما قد ثبتت شرعيته تمت.
(٤) ما بين المعكوفين من الروض تمت.
(٥) من الشفاء، وفي المسودة: ما يكفي تمت.
(٦) في المصباح: شمس الفرس استعصى على صاحبه
وخيل شمس مستعصية على من يركبها. تمت هامش الروض.
(٧) قد تقدم الكلام على وائل في المقدمة تمت.
[١] الصحيح أن الإمام الهادي إلى الحق # قد رجع إلى القول به، لأنه روى رفع اليدين في التكبيرة الأولى في الأحكام عن أبيه عن جده عن رسول الله ÷ في صلاة الجنازة، وهي من جملة الصلوات، ولم يقل هو ولا غيره إنه مخصوص بها، فهو رجوع عن القول الأول، مع أنّ روايته # له عن رسول الله ÷ يُبْطِل القولَ بأنه غير مشروع وأنه من فعل الجاهلية، وقد رجع الإمام الهادي # في مسائل كالمسح على الجبائر، وأما ابنا الهادي وأبوالعباس والمنصور بالله فلعلّهم حكوا ذلك للمذهب، وعلى الجملة المتّبع الدليل، وقد رُوِي الرفع في جميع مؤلّفات أهل البيت $ المعتمدة، ورواه سائر الأمة، وقد استوفَيْتُ الكلام عليه في رسالة مستقلّة في كتاب مجمع الفوائد وهي رفع الملام على رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام، والله ولي التوفيق، انتهى من خطّ الإمام الحجّة/ مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي #.