كتاب العارية
  (الإمام) وليس له أن يهب ماله حيث يقعد يتكفف الناس لقوله تعالى {وَلَا تَبْسُطْهَا} ... [الإسراء: ٢٩] الآية، ولخبر الذي جاء إليه ÷ بمثل البيضة من ذهب فقال النبي ÷: «خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى» [٧]؛ فإن وثق من نفسه عدم ذلك نفذ في الكل إذ لا خلاف أن المرء أولى بأن يتصرف في جميع ماله، وان يخرجه عن ملكه بالأعواض، وغيرها ما لم يكن الذي أخرجه في محظور، وهذا إجماع ذكر معناه في المنهاج، مع قوله تعالى {وَيُؤْثِرُونَ}[الحشر: ٩] الآية «إلا بطيبة من نفسه» ولم يفصل، وأيضا لم ينكر على بعض السلف الذين آثروا الكل من أموالهم وهو المذكور عن (المؤيد بالله وأبي طالب والفريقين والأحكام)، قال (المهدي): وأما في المرض فمن الثلث اتفاقا.
  (الإمام يحيى) ولو قال: إن لم أوفك ليوم كذا فعبدي لك أو نحو ذلك لم يملك بذلك أوفاه بحقه أو لم يوفه إجماعا إذ ليس بهبة ولا إقرار لتعلقه بشرط مستقبل.
  (العترة ثم الفقهاء الأربعة) وما وهب لله ولعوض فللعوض كلو قال بعتك هذا بعشرة دراهم لله فحكمه حكم البيع إجماعا، ولقوله تعالى {وَلَا يُشْرِكُ}[الكهف: ١١٠] الآية.
  فصل «٢» ويغني القبض عن القبول في الصدقة لقوله ÷ «تصدقت فأمضيت» [٨]، والإقباض: الإمضاء، (المهدي) ولإجماع المسلمين على دفع صدقة التطوع كذلك يعني من غير إيجاب وقبول، ولا يلزم كونها إباحة، (الإمام يحيى) للإجماع على المنع من تسميتها بذلك ولأنه تصدق عليه ÷ بحلة فأعطاها عليا # [٩] ولو كانت إباحة لما جاز التصدق بها،
  قوله: لقوله ÷ خير الصدقة الخ روي عن النبي ÷ أن رجلا جاء إليه بمثل بيضة من الذهب فقال: أصبتها من معدن فخذها فهي صدقة ما أملك غيرها فأعرض رسول الله ÷ عنه ثم أتاه من قبل يمينه فقال: مثل ذلك فأعرض رسول الله ÷ عنه ثم أتاه من خلفه فأخذها رسول الله ÷ فحذفه بها فلو أصابته أوجعته أو عقرته ثم قال رسول الله ÷: «يأتي أحدكم بما يملك يقول هذه صدقة ثم يقعد يتكفف الناس، خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى» رواه في الشفاء وأخرجه ابوداود.
  قوله: «إلا بطيبة من نفسه» تكرر.
  قوله: تصدقت فأمضيت قال في الشفاء: عن النبي ÷ في الخبر المشهور «يقول ابن آدم مالي مالي، ومالك من مالك إلا ما أكلت فافنيت أو لبست فابليت أو تصدقت فأمضيت» ورواه في شرح الإبانة والأصول(١).
  قوله: تصدق عليه ÷ بحلة عن علي # قال: أهديت لرسول الله ÷ حلة لحمتها وسداها ابريسم(٢) فقلت يا رسول الله ألبسها فقال: «لا، اكره لك ما اكره لنفسي ولكن اقطعها خمرا لفلانة وفلانة» رواه في الشفاء والأصول، وفي رواية أهديت لرسول الله ÷ حلة(٣) فبعث بها إليّ فلبستها فعرفت الغضب في وجهه فقال: «إني لم ابعثها إليك لتلبسها إنما بعثتها إليك لتشققها خمرا(٤) بين النساء» أخرجها مسلم وغيره.
(١) وأخرجه الطبري عن أمير المؤمنين في تاريخه. تمت.
(٢) قال في المصباح: لحمة الثوب بالفتح ما ينسج عرضا والضم لغة اهـ وقال فيه: والسدى وزان الحصى من الثوب خلاف اللحمة وهو: ما يمد طولا في النسج اهـ وقال في تاج العروس: والابريسم بفتح السين وضمها قال ابن بري: ومنهم من يقول أبريسم بفتح الهمزة والراء ومنهم من يكسر الهمزه ويفتح السين: الحرير، وخصه بعضهم بالخام اهـ، قال القاضي الحسن الرباعي اليمني في فتح الغفار: الإبريسم نوع من الحرير. تمت.
(٣) الحلة: إزار ورداء. تمت فتح غفار.
(٤) قال في المصباح: الخمار ثوب تغطي به المرأة رأسها، والجمع خمر مثل كتاب كتب. تمت.