كتاب الغصب
  «إن دمائكم وأموالكم عليكم حرام» [٩]، وزوال الاسم لا تأثير له في إسقاط ملك المالك كما لو أزال المالك اسمه أو معظم منافعه فإنه لا يزول به ملكه، وأما حديث الشاة [١٠] فقد تكلم فيه بعض أهل الحديث، فإن صح فقال (المؤيد بالله): يحتمل أن يكون ÷ ضمنهم إياها وأمرهم أن يطعموها الاسارى لغيبة صاحبها إذ في الخبر ما يدل على ذلك فخشي أن يفسد عليهم وللحاكم أن يبيع على الغائب بما يخشى فساده، (المهدي) ولم يبيعوه لاحتمال أنهم لم يعتادوا بيع اللحم ناضجا ويأنف أهل الجهة من بيعه وشرائه كما في كثير من الجهات إلى أن قال ولأنا أجمعنا(١). على انه قبل أداء القيمة لا يجوز تصرف الغاصب فيه؛ فدل على أن ملك صاحبه لم ينقطع، قلت: ولو سلم ما قالوه لأدى إلى أمور فاسدة حرمها الشارع لتأديته إلى أن يكون ذريعة لأهل الجور والفساد إلى الوثوب على ما يشاءون من أموال العباد ويصير بأفعالهم الاستهلاكية لهم ملكا وهو خلاف الأدلة كتابا وسنة.
  فصل «٣» ولا يملك ما شرى(٢) بعرض مغصوب إذ الشراء باطل إجماعا(٣) وكذا إذا كانت العين نقدا أو غير نقد فباعها بنقد فإنه باطل عند (المؤيد بالله والإمام) لقوله ÷ «لا يحل مال امرئ مسلم ..» الخبر، أما لو شرى(٤) إلى الذمة وقضى بالغصب طاب له الربح إجماعا ذكره في تعليق الإفادة لأنه ملكه، ولقوله ÷ «الخراج بالضمان ..»، (الإمام) ويلزمه غير ذلك الثمن المغصوب ورد المغصوب إلى مالكه، (الهادي والمرتضى والمؤيد بالله وابوطالب وابوالعباس ثم الفريقان) ومن غصب أرضا فزرعها ببذره فالزرع له لقوله ÷ «الزرع للزراع ..» الخبر (الإمام) وللمالك قلعه إذ ليس للغاصب حق لقوله ÷ «ليس لعرق ظالم حق»، ولا وجه لاشتراط الحاكم وعليه(٥) الكراء إجماعا، فإن بني أو غرس حكم عليه بنقض البناء وقلع الشجر بإجماع أهل البيت، (الهدوية والإمام) وليس للغاصب الرجوع بما غرم فيها وإن زادت به لأنه متبرع بما غرم فلم يستحق شيئا ولا ثم عين يمكن فصلها من غير ضرر، وله فصل ما ينفصل إجماعا كالحلية.، ......
  قوله: إن دمائكم الخ روى أبو بكرة قال: خطبنا رسول الله ÷ فقال: «إن دمائكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا» رواه في الشفاء وأخرجه بخاري ومسلم، ولمسلم نحوه عن ابن عمر.
  قوله: حديث الشاة عن عاصم بن كليب أن رجلا من الأنصار اخبره قال: خرجنا مع النبي ÷ فلما رجع استقبله داعي امرأة فجاء وجيء بالطعام فوضع يده ثم وضع القوم فأكلوا فنظر آباؤنا رسول الله ÷ يلوك(٦) لقمة في فمه ثم قال: «أجد لحم شاة أخذت بغير إذن أهلها!» فقالت المرأة: يا رسول الله إني أرسلت إلى البقيع(٧) يشترى لي شاة فلم أجد فأرسلت إلى جار لي قد اشترى شاة أن أرسل بها إلي بثمنها فلم يوجد فأرسلت إلى امرأته فأرسلت إلي بها فقال رسول ÷: «أطعميه الأسارى» أخرجه أحمد وابوداود، ومعنى الحديث في الشفاء والأصول وغيرهما.
  قوله: «الخراج بالضمان» تقدم وكذا.
  قوله: «الزرع للزراع».
(١) أي نحن والهدوية والحنفية. تمت.
(٢) عبارة المسائل: ولا يملك ما اشترى. تمت.
(٣) ذكره في الغيث. تمت.
(٤) عبارة المسائل: أما لو اشترى. تمت.
(٥) أي الغاصب. تمت.
(٦) اللوك: إدارة الشيء في الفم. تمت.
(٧) في تخريج ابن بهران: إني أرسلت إلى النقيع وهو موضع تباع فيه الغنم. تمت.