شرح التصريح على التوضيح،

خالد الأزهري (المتوفى: 905 هـ)

فصل 5

صفحة 327 - الجزء 1

  "و" هذه اللام "قد تغني عنها قرينة لفظية" بأن يكون الخبر منفيا، "نحو: إن زيد لن يقوم"، فيجب حينئذ ترك اللام كما في المغني⁣(⁣١)؛ لأن الخبر المنفي لا تدخل عليه لام الابتداء كما تقدم، "أو" قرينة "معنوية"، كأن يكون الكلام سيق للإثبات والمدح، "كقوله"، وهو الطرماح، واسمه الحكيم بن حكيم: [من الطويل]

  ٢٥٢ - أنا ابن أباة الضيم من آل مالك ... "وإن مالك كانت كرام المعادن"

  ولو قال: لكانت باللام لجاز، ولكن استغنى عنها لكونه في مقام المدح، وتوهم النفي هنا ممتنع، وأباة جمع آب، كقضاة جمع قاض، من: أبى إذا امتنع، والضيم: الظلم، ومالك: اسم قبيلة، ولذلك قال: كانت، وصرفها مراعاة للحي، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

  ١٩١ - وربما استغني عنها إن بدا ... ما ناطق أراده معتمدًا

  "وإن ولي "إن" المكسورة المخففة" من الثقلية "فعل" فشرطه أن يكون ناسخًا، وربما تخلف، وشرط الناسخ كونه غير ناف، فخرج بذلك "ليس" وغير منفي، فخرج بذلك "زال" وأخواتها، ونحو: ما كان، وغير صلة، وغير صلة، فخرج بذلك "ما دام" ولا فرق في الناسخ بين الماضي والمضارع. إلا أنه "كثر كونه مضارعًا ناسخا نحو: " {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ " بِأَبْصَارِهِمْ}⁣[القلم: ٥١]، " {وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ}⁣[الشعراء: ١٨٦] وأكثر منه" أي: من المضارع "كونه ماضيًا ناسخا، نحو: {وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً}⁣[البقرة: ١٤٣] {إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ}⁣[الصافات: ٥٦]، {وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ}⁣[الأعراف: ١٠٢] وتدخل اللام حينئذ على الجزء الثاني من معمولي الناسخ، أما دخول "إن" على الناسخ؛ فلأنها كانت مختصة بالدخول على المبتدأن والخبر في الأصل, فلما خففت وضعت شبهها بالفعل جاز دخولها على الفعل، وكان من النواسخ لئلا تفارق محلها بالكلية، ألا ترى أنها إذا دخلت على الناسخ كان مقتضاها موفرًا عليها إذ الجزآن مذكوران بعد مدخولها، وأما دخول اللام في الجزء الثاني من معمولي الناسخ فكما تدخل على خبرها؛ لأنك إذا قلت: إن كان زيد لقائمًا فمعناه: إن زيد


(١) مغني اللبيب ص ٣٠٦.

٢٥٢ - البيت للطرماح في ديوانه ص ٥١٢، والدر ١/ ٢٩٩، والمقاصد النحوية ٢/ ٢٧٦، وبلا نسبة في الارتشاف ٢/ ١٥٠، وأوضح المسالك ١/ ٣٦٧، وتخليص الشواهد ص ٣٧٨، وتذكرة النحاة ٤٣، والجنى الداني ص ١٣٤، وشرح ابن الناظم ص ١٢٨، وشرح الأشموني ١/ ١٤٥، وشرح ابن عقيل ١/ ٣٧٩، وشرح عمدة الحافظ ص ٢٣٧، وشرح قطر الندى ص ١٦٥، وهمع الهوامع ١/ ١٤١.